منحة وبلية وأصل كل بلية في العالم كما قال محمد الشهرستاني : من معارضة النص بالرأي وتقديم الهوى على الشرع. والناس إلى اليوم في شرور هذه المعارضة. ثم ظهر مع هذا الشيخ المتأخر المعارض أشياء لم تكن تعرف قلبه : حسيات العميدي ، وحقائق ابن عربي ، وتشكيكات الرازي وقام سوق الفلسفة والمنطق وعلوم أعداء الرسل.
ثم نظر الله إلى عباده وانتصر لكتابه ودينه ، وأقام جندا يغزو ملوك هؤلاء بالسيف والسنان ، وجندا يغزو علماءهم بالحجة والبرهان. ثم نبغت نابغة منهم في رأس القرن السابع فأقام الله لدينه شيخ الإسلام أبا العباس أحمد بن تيمية قدس الله روحه ، فأقام على غزوهم مدة حياته باليد والقلب واللسان ؛ وكشف للناس باطلهم وبين تلبيسهم وتدليسهم وقابلهم بصريح المعقول وصحيح المنقول ، وشفي واشتفى ، وبيّن تناقضهم ومفارقتهم لحكم العقل الذي به يدلون وإليه يدعون ، وإنهم أترك الناس لأحكامه ومفارقتهم لحكم العقل الذي به يدلون وإليه يدعون ، وإنهم أترك الناس لأحكامه وقضاياه ، فلا وحي ولا عقل ، فأرادهم في حفرهم ، ورشقهم بسهامهم ، وبين أن صحيح معقولاتهم خدم لنصوص الأنبياء ، فجزاه الله عن الإسلام وأهله خيرا.
الوجه التاسع والثلاثون : إنه قد ثبت بالعقل الصريح والنقل الصحيح ثبوت صفات الكمال للرب سبحانه. وإنه أحق بالكمال من كل ما سواه. وأنه يجب أن تكون القوة كلها لله ، وكذا العزة والعلم والقدرة والكلام ، وسائر صفات الكمال التام اثنان ، وأن الكمال التام لا يكون إلا لواحد ، وهاتان مقدمتان يقينيتان معلومتان بصريح العقل ، وجاءت نصوص الأنبياء مفصلة بما في صريح العقل إدراكه قطعا. فاتفق على ذلك العقل والنقل ، قال الله تعالى : (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) (البقرة : ١٦٥) وقد اختلف في تعلق قوله (أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً) بما ذا؟ فقالت طائفة : هو مفعول يرى أي فلو يرون أن القوة لله جميعا لما عصوه ولما كذبوا رسله وقدموا عقولهم على وحيه ، وقالت طائفة : بل المعنى لأن القوة لله جميعا ، وجواب لو