لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ) (إبراهيم : ٢٢) ، وقال تعالى : (وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ) (سبأ : ٢١) ، قالوا فاندفعت تلك الأسئلة وظهر أنها ترد على أصول الجبرية لا على أصولنا.
وقالت الفرقة الناجية حزب الله ورسوله : كيف يطمع فى الرد على عدو الله من قد شاركه فى أصله وفى بعض شبهه فإن عدو الله أصل معارضة النص بالرأى ، فيترتب على تأصيله هذه الأسئلة وأمثالها ، فمن عارض النقل بالعقل فهو شريكه من هذا الوجه فلا يمكن من الرد التام عليه ، ولهذا لما شاركه زنادقة الفلاسفة والمنجمين والطبائعيين في هذا الأصل أنكروا وجوده ووجود آم والملائكة ، فضلا عن قصة أمره بالسجود وإبائه وما ترتب عليه. ولما أنكرت الجبرية الحكم والتعليل والأسباب عجزوا عن جواب أسئلة وسدوا على نفوسهم باب استماعها والجواب عنها ، وفتحوا باب مكابرة العقول الصحيحة فى إنكار تحسين العقل وتقبيحه ، وإنكار الأسباب والقوى والطبائع والحكم والغايات المحمودة التى لأجلها يفعل الرب ما يفعله ، وجوزوا عليه أن يفعل كل شيء وأن يأمر بجميع ما نهى عنه وينهى عن كل كل ما أمر به ، ولا فرق عندهم البتة بين المأمور والمحظور والكل سواء في نفس الأمر ، ولكن هذا صار حسنا بأمره لأنه في نفسه وذاته حسن ، وهذا صار قبيحا بنهيه لأنه في نفسه وذاته قبيح.
ولما وصلت القدرية إنكار عموم قدرة الرب سبحانه ومشيئته لجميع الكائنات. وأخرجت أفعال عبده خيرها وشرها عن قدرته ومشيئته لخلقه ، وأثبتت لله تعالى شريعة بعقولهم حكمت عليه بها واستحسنت منه ما استحسنت من أنفسها ، واستقبحت منه ما استقبحته من أنفسها وعارضت بين الأدلة السمعية الدالة على خلاف ما أصلوه وبين العقل ، ثم راموا الرد على عدو الله فعجزوا عن الرد التام عليه ، وإنما يتمكن من الرد عليه كل الرد من تلقى أصوله عن مشكاة الوحى ونور النبوة ، ولم يؤصل أصلا برأيه.
فأول ذلك أنه علم أن هذه الأسئلة ليست من كلام الله الذي أنزله على موسى وعيسى مخبرا بها عن عدوه كما أخبر عنه في القرآن بكثير من أقوله وأفعاله ،