وإدخال بعض أهل الكتاب لها في تفسير التوراة والإنجيل كما نجد بالمسلمين من يدخل في تفسير القرآن كثيرا من الأحاديث والأخبار والقصص التي لا أصل لها. وإذا كان هذا في هذه الأمة التي هي أكمل الأمم علوما وعقولا ، فما الظن بأهل الكتاب؟
الوجه الثاني : أن يقال لعدو الله : قد ناقضت فى أسئلتك ما اعترفت به غاية المناقضة ، وجعلت ما اسلفت من التسليم والاعتراف مبطلا لجميع اسئلتك متضمنا للجواب عنها قبل ذكرها وذلك أنك قلت (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (الحجر : ٣٩ ـ ٤٠). فاعترفت بأنه ربك وخالفك ومالكك ، وأنك مخلوق له مربوب تحت أوامره ونواهيه ، وإنما شأنك أن تتصرف فى نفسك تصرف العبد المأمور المنهي المستعد لأوامر سيده ونواهيه. وهذه الغاية التي خلقت لها ، وهي غاية الخلق وكمال سعاتهم. وهذا الاعتراف منك بربوبيته وقدرته وعزته ويتضمن إقرارك بكمال علمه وحكمته وغناه ، وأنه في كل ما أقر عليم حكيم لم يأمر عبده لحاجة منه إلى ما أمر به عبده ، ولا نهاه بخلا عليه بما نهاه بل أمره رحمة منه به وإحسانا إليه بما فيه صلاحه في معاشه ومعاده وما لا صلاح له إلا به ، ونهاه عما في ارتكابه فساده في معاشه ومعاه ، فكانت نعمته عليه بأمره ونهيه أعظم من نعمته عليه بمأكله ومشربه ولباسه وصحة بدنه بما لا نسبة بينهما ، كما قال سبحانه ؛ في آخر فصل مع الأبوين (يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) (الأعراف : ٢٦) فأخبر سبحانه أن لباس التقوى وزينتها خير من المال والريش والجمال الظاهر.
فالله تعالى خلق عباده وجمل ظواهرهم بأحسن تقويم ، وجمل بواطنهم بهدايتهم إلى الصراط المستقيم. ولهذا كانت صورتك قبل معصية ربك من أحسن الصور ، وأنت مع ملائكته الأكبرين فلما وقع ما وقع جعل صورتك وشناعة منظرك مثلا يضرب لكل قبيح كما قال تعالى : (طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ) (الصافات : ٦٥) فهذه أول نقدة تعجلتها من معصيته ولا ريب أنك تعلم أنه