نفسه لصا رفعت المجاز من جهة الفعل وصرت إلى الحقيقة. لكن بقى عليك التجويز في مكان آخر وهو قطع اللص ، وإنما فعله قطع يده أو رجله فإذا احتطت قلت قطع الأمير نفسه يد اللص أو رجله.
«قلت» وبقي عليه أن يقول وذلك مجاز أيضا من جهة أخرى وهو أن اليد اسم للعضو إلى المناكب وهو لم يقطعها كلها إنما قطع بعضها ، فإذا احتاط ينبغى له أن يقول قطع الأمير نفسه من يد اللص ما بين الكوع والأصابع ، وذلك مجاز أيضا من وجه آخر وهو أنه سماه لصا.
وذلك يقتضي أنه وجد جميع أفراد اللصوصية كما قرره في أول كلامه ، وذلك محال فقد أوقع البعض موقع الكل وذلك مجاز ، فإذا احتاط قال قطع الأمير نفسه من يد ومن وجد منه بعض اللصوصية ما بين الكوع والأصابع ، ويبقى عليه مجاز آخر عنده من جهة أخرى وهو أن القطع عنده دال على جميع أفراد الجنس ولم يوجد ذلك فأوقع القطع على فرد من أفراد القطع لمن وجد منه بعض أفراد اللصوصية أوقعه في جزء من أجزاء يده.
فيا ضحكة العقلاء ويا شماته الأعداء بهذه العقول السخيفة التى كادها عدوها ويأبى الله أن يوفق عقل من أنكر علمه وقدرته ويكذب عليه حيث يزعم أن غالب كلامه مجاز لا حقيقة له لشهود هذا الّذي هو باقبح الهذيان أشبه منه بالفصاحة والبيان.
قال : وكذلك قولك «جاء الجيش أجمع» ، ولو لا أنه قد كان يمكن أن يكون إنما جاء بعضهم وإن أطلقت المجىء على جميعهم لما كان لقولك أجمع معنى ، فوقوع التوكيد في هذه اللغة أقوى دليل على شياع المجاز فيها واشتماله عليها حتى إن أهل العربية أفردوا لذلك بابا لعنايتهم به.
وكونه مما لا يضاع ولا يهمل مثله ، كما أفردوا لكل معنى أهمهم بابا كالصفة والعطف والإضافة والنداء والندبة والقسم وغير ذلك.
قال ابن جنى : وكذلك أيضا حذف المضاف مجاز لا حقيقة وقد كثر حتى إن في القرآن وهو أفصح الكلام منه أكثر من مائة موضع بل ثلاثمائة موضع وفي