فدعواك أن هذا اللفظ يحتمل خمسة عشر معنى ، دعوى مجردة ليست معلومة بضرورة ولا نص ولا إجماع ، يوضحه :
الوجه الأربعون : وهو أن يقال : الاحتمالات التي ادعيتها تتطرق إلى لفظ الاستواء وحده المجرد عن اتصاله بأداة أم إلى المقترن بواو المصاحبة أم إلى المقترن بإلى أم إلى المقترن بعلى ، أم إلى كل واحد من ذلك وكذلك العرش الذي أدعيت أنه يحتمل عدة معان هو العرش المنكر غير المعرف بأداة تعريف ولا إضافة أم المضاف إلى العبد كقول عمر كاد عرشي أن يعل ، أم إلى عرش الدار وهو سقفها في قوله (خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها) (البقرة : ٢٥٩) أم إلى عرش الرب تبارك وتعالى الذي هو فوق سماواته؟ أم إلى كل واحد من ذلك ، فأين مواد الاحتمال حتى يعلم هى صحيحة أم باطلة ، فلا يمكنك أن تدعى ذلك في موضع معين من هذه المواضع ، ودعواه بهت صريح وغاية ما تقدر عليه إنك تدعى مجموع الاحتمالات في مجموع المواضع بحيث يكون كل موضع له معنى ، فأي شيء ينفعك هذا في الموضع المعين ، فسبحان الله أين هذا من القول السديد الذي أوصانا الله به في كتابه حيث يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً) (الأحزاب : ٧٠) والسديد هو الذي يسد موضعه ويطابقه فلا يزيد عليه ولا ينقص منه ، وسداد السهم هو مطابقته وإصابته الغرض من غير علو ولا انحطاط ولا تيامن ولا تياسر.
(والمقصود) إن استواء الرب على عرشه المختص به الموصول بأداة (على) نص في معناه لا يحتمل سواه.
الوجه الحادي والأربعون : أنا نمنع الاحتمال في نفس لفظ الاستواء مع قطع النظر عن صلاته المقرون بها وأنه ليس له إلا معنى واحد وإن تنوع بتنوع صلاته كنظائره من الأفعال التي تنوع معانيها بتنوع صلاتها كملت عنه وملت إليه ورغبت عنه ورغبت فيه ، وعدلت عنه وعدلت إليه ، وفررت منه وفررت إليه ، فهذا لا يقال له مشترك ولا مجاز بل حقيقة واحدة تنوعت دلالتها بتنوع صلاتها ، وهكذا لفظ الاستواء هو بمعنى الاعتدال حيث استعمل مجردا أو مقرونا ، تقول سويته