ويلبسون ، فاجعل لنا الآخرة كما جعلت لهم الدنيا؟ فقال : لا أفعل ، فأعادوا ذلك. فقال لا أفعل فأعادوا ذلك عليه فقال «وعزتي لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان» ورواه عبد الله بن أحمد في كتاب «السنة» عن النبي صلىاللهعليهوسلم مرسلا (١).
وقوله : «الأيدي ثلاثة ، فيد الله العليا ويد المعطي التي تليها ، ويد السائل السفلى» (٢) فهل يصح في عقل أو لغة أو عرف أن يقال : قدرة الله أو نعمته العليا ويد المعطي التي تليها فهل يحتمل هذا التركيب غير يد الذات بوجه ما وهل يصح أن يراد به غير ذلك وكذلك قوله : «اليد العليا خير من اليد السفلى ، واليد العليا هي المنفقة» (٣) واليد السفلى هي السائلة فضم هذا إلى قوله : الأيدي ثلاثة ، فيد الله العليا ، ويد المعطى هي التي تليها ، وإلى قوله (بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) (المائدة : ٦٤) تقطع بالضرورة أن المراد يد الذات لا يد القدرة والنعمة ، فإن التركيب والقصد والسياق لا يحتمله البتة.
وتأمل قوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (الفتح : ٦٤) فلما كانوا يبايعون رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأيديهم ، ويضرب بيده على أيديهم ، كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم هو السفير بينه وبينهم ، كانت مبايعتهم له مبايعة لله تعالى ، ولما كان سبحانه فوق سماواته على عرشه فوق الخلائق كلهم ، كانت يده فوق أيديهم ، كما أنه سبحانه فوقهم ، فهل يصح هذا لمن ليس له يد حقيقية ، فكيف يستقيم أن يكون المعنى قدرة الله ونعمته فوق قدرهم ونعمهم ، أم تقتضي المقابلة أن يكون المعنى هو الذي يسبق إلى الأفهام من هذا الكلام.
__________________
(١) [موضوع] ذكره الحافظ الهيثمي في «المجمع» (١ / ٨٢) وعزاه للطبراني في «الكبير» و «الأوسط» وقال : وفيه إبراهيم بن عبد الله بن خالد المصيصي. وهو كذاب متروك ، وفي مسند «الأوسط» : طلحة بن زيد وهو كذاب أيضا ا ه.
(٢) [صحيح] رواه الإمام أحمد (٣ / ٤٧٣) ، وأبو داود (١٦٤٩) ، الحاكم (١ / ٤٠٨) ، وابن خزيمة (٤٤٠) ، وابن حبان (٣٣٥١ ـ إحسان) وصححه الألباني.
(٣) رواه البخاري (١٤٢٩).