المضاف بالجلال والإكرام لما كان القصد الإخبار عنه ، وذي المضاف إليه بالجلال والإكرام في آخر السورة لما كان المقصود عين المسمي دون الاسم فتأمله.
الثامن : إنه لا يعرف في لغة من لغات الأمم وجه الشيء بمعني ذاته ونفسه ، وغاية ما شبه به المعطل وجه الرب أن قال : وهو كقوله وجه الحائط ووجه الثوب ووجه النهار ووجه الأمر (فيقال) فهذا (المعطل) المشبه : ليس الوجه في ذلك بمعنى الذات بل هذا مبطل لقولك ، فإن وجه الحائط أحد جانبيه فهو مقابل لدبره ، ومثل هذا وجه الكعبة ودبرها ، فهو وجه حقيقة ، ولكنه بحسب المضاف إليه ، فلما كان المضاف إليه بناء كان وجهه من جنسه ، وكذلك وجه الثوب أحد جانبيه وهو من جنسه ، وكذلك وجه النهار أوله ولا يقال لجميع النهار. وقال ابن عباس وجه النهار أوله ، ومنه قولهم : صدر النهار. قال ابن الأعرابي : أتيته بوجه نهار وصدر نهار وأنشد للربيع بن زياد :
من كان مسرورا بمقتل مالك |
|
فليأت نسوتنا بوجه نهار |
والوجه في اللغة مستقبل كل شيء لأنه أول ما يواجه منه ، ووجه الرأى والأمر ما يظهر أنه صوابه ، وهو في كل محل بحسب ما يضاف إليه ، فإن أضيف إلى زمن كان الوجه زمنا ، وإن أضيف إلى الحيوان كان بحسبه ، وإن أضيف إلى ثوب أو حائط كان بحسبه ، وإن أضيف إلى من (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) كان وجهه تعالي كذلك.
التاسع : إن حمله على الثواب من أبطل الباطل ، فإن اللغة لا تحتمل ذلك ولا يعرف أن الجزاء يسمى وجها للمجازي.
العاشر : إن الثواب مخلوق : فقد صح عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه استعاذ بوجه الله فقال «أعوذ بوجهك الكريم أن تضلني ؛ لا إله إلا أنت الحي الذي لا يموت ، والجن والإنس يموتون» رواه أبو داود وغيره (١).
__________________
(١) ورواه مسلم (٢٧١٧) من حديث ابن عباس يرفعه بلفظ «أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني ... الحديث ...