عمل الليل قبل عمل النهار ، وعمل النهار قبل عمل الليل ، حجابه النور ، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه» رواه مسلم في «صحيحه» (١).
وقال عثمان بن سعيد الدارمي : حدثنا محمد بن كثير ، أخبرنا سفيان عن عبيد المكتب عن مجاهد عن ابن عمر قال : «احتجب الله عن خلقه بأربع : بنار وظلمة ونور وظلمة» (٢).
وقال : حدثنا موسى بن اسماعيل عن حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني عن زرارة بن أوفى أن النبي صلىاللهعليهوسلم سأل جبريل : «هل رأيت ربك؟» فانتفض جبريل وقال : يا محمد إن بيني وبينه سبعين حجابا من نور ، لو دنوت من أدناها لاحترقت» (٣).
(المعنى الثاني) في الحديث : أنه سبحانه نور فلا يمكن رؤيته ، لأن نوره الذي لو كشف الحجاب عنه لاحترقت السموات والأرض وما بينهما مانع من رؤيته ، فإن كان المراد هو المعنى الثاني. فظاهر ، وإن كان الأول فلا ريب أنه إذا كان نور الحجاب مانعا من رؤية ذاته فنور ذاته سبحانه أعظم من نور الحجاب ، بل الحجاب إنما استنار بنوره ، فإن نور السموات إذا كان من نور وجهه كما قال عبد الله بن مسعود ، فنور الحجاب الذي فوق السموات أولى أن يكون من نوره ، وهل يعقل أن يكون النور حجاب من ليس له نور ، هذا أبين المحال وعلى هذا فلا تناقض بين قوله صلىاللهعليهوسلم : «رأيت نورا» وبين قوله : «نور أنى أراه» فإن المنفى مكافحة الرؤية للذات المقدسة ، والمثبت رؤية ما ظهر من نور الذات ، يوضحه :
الوجه الثالث : وهو أن ابن عباس جمع بين الأمرين فقال : رأى محمد ربه
__________________
(١) تقدم تخريجه.
(٢) [ضعيف الإسناد] رواه الدارمي في «الرد على المريسي» ص ١٧٣ وفي إسناده المثنى بن الصباح ، قال الحافظ في «التقريب» : ضعيف اختلط بآخره ا ه.
(٣) المصدر السابق.