ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ) قال : علمه محيط بالكل وربنا على العرش بلا حد ولا صفة ، أراد أحمد بنفي الصفة نفي الكيفية والتشبيه ، وبنفي الحد نفي حد يدركه العباد ويحدونه (١).
وقال أبو مطيع الحكم بن عبد الله البلخي (٢) : سألت أبو حنيفة عمن يقول لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض ، قال قد كفر ، لأن الله تعالى يقول : (عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) ولكن لا يدري العرش في السماء أم في الأرض ،
__________________
(١) قال الحافظ الذهبي : المنقول عن هذا الإمام ـ يعنى أحمد بن حنبل ـ في هذا الباب طيب كثير مبارك فيه ، فهو حامل لواء السنة ، الصابر في المحنة ، والمشهود بأنه من أهل الجنة ، فقد تواتر عنه تكفير من قال بخلق القرآن العظيم جل منزله ، وإثبات الرؤية والصفات والعلو والقدر ، وتقديم الشيخين وأن الإيمان يزيد وينقص ، إلى غير ذلك من عقود الديانة مما يطول شرحه أه وانظر «مختصر العلو» (ص ١٨٩ ـ ١٩١).
(٢) أبو مطيع هذا من كبار أصحاب أبى حنيفة وفقهائهم ، قال الذهبي في «الميزان» : كان بصيرا بالرأى ، علامة ، كبير الشأن ، ولكنه واه في ضبط الأثر ، وكان ابن المبارك يعظمه ويجله لدينه وعلمه ، قال ابن معين : ليس بشيء أ. ه أفاده الألبانى في «مختصر العلو» (ص ١٣٦).
[فائدة] : ورد في «العلو» للحافظ الذهبى قوله : وبلغنا عن أبى مطيع الحكم بن عبد الله البلخي صاحب «الفقه الأكبر» قال : ... فذكره ، قال الألباني في «المختصر» : وفي قوله «صاحب الفقه الأكبر» إشارة قوية إلى أن الكتاب ليس للإمام أبي حنيفة رحمهالله تعالى خلافا لما هو مشهور عند الحنفية ، وقد طبع عدة طبعات منسوبا إليه ، مشروحا من غير واحد من الحنفية منهم : أبو منصور الماتريدي الذي ينتمى إليه أكثر الحنفية في العقيدة ، وجمهورهم فيها من المؤولة ، فترى أبا منصور هذا قد تأول قول أبى حنيفة المذكور في الكتاب وفي «الفقه الأكبر» ـ قلت : وهو قوله ردا على من سأل : عمن يقول : لا أعرف ربى في السماء أو في الأرض فقال رحمهالله : قد كفر ، لأن الله تعالى يقول (الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى) وعرشه فوق سماواته ، فقيل : إنه يقول : أقول على العرش استوى ، ولكن قال : لا يدرى العرش في السماء أو في الأرض ، قال : إذا أنكر أنه في السماء فقد كفر ، فقد تأول أبو منصور الماتريدى هذا القول ـ تأويلا يعود إلى إفساد كلام أبى حنيفة وإخراجه عن جماعة السلف في عدم التأويل ، فقال في تأويل قوله رحمهالله «فقد كفر» قال (ص ١٩ ـ طبعة مصر): ـ