(والثاني) أنه أول الشطر الثاني (والثالث) أنه أول الثلث الأخير ، وإذا تأملت هاتين الروايتين لم تجد بينما تعارضا.
بقيت رواية : «إذا مضى ثلث الليل الأول» وهي تحتمل ثلاثة أوجه (أحدها) أن لا تكون محفوظة وتكون من قبل حفظ الراوي ، فإن أكثر الأحاديث على الثلث الأخير (الثاني) أن يكون الثلث الأول والشطر والثلث الأخير على حسب اختلاف بلاد الإسلام في ذلك ، ويكون النزول في وقت واحد ، وهو ثلث الليل الأخير عند قوم ووسطه عند الآخرين ، وثلثه الأول عند غيرهم ، فيصح نسبته إلى الأوقات الثلاثة ، وهو حاصل في وقت واحد ، وعلى هذا فالشبهة العقلية التي تعارض بها النفاة حديث النزول تكون هذه الألفاظ قد تضمنت الجواب عنها ، فإن هذا النزول لا ينافي كونه في الثلث الأخير كونه في الثلث الأول أو في الشطر الثاني بالنسبة إلى المطالع.
ولما كانت رقعة الإسلام ما بين طرفي المشرق والمغرب من المعمور في الأرض كان التفاوت قريبا من هذا القدر ، وسيأتي مزيد تقرير لهذا.
(الثالث) إن للنزول الإلهي شأنا عظيما ، ليس شأنه كشأن غيره ، فإنه قدوم ملك السموات والأرض إلى هذه السماء التي تلينا. ولا ريب أن السموات وأملاكها عند هبوط الرب تعالى ونزوله إلى سماء الدنيا شأنا وحالا.
وفي بعض الآثار : «إن السموات تأخذها رجفة ويسجد أهلها جميعا».
قال أبو داود حدثنا محمد بن يحيى بن فارس. حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن أخي ابن شهاب عن عمه ، أخبرنى عبيد بن السباق أنه بلغه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ينزل ربنا من آخر الليل فينادي مناد في السماء العليا : ألا نزل الخالق العليم ، فيسجد أهل السماء ، وينادي فيهم مناد ذلك ، فلا يمر بأهل السماء إلا وهم سجود» (١).
__________________
(١) أخرجه ابن أبي عاصم في «السنة» (٥٠٦) ، وقال الشيخ الألباني في «ظلال