مطابقا لقوله صلىاللهعليهوسلم «يكشف عن ساقه» وتنكيره للتعظيم والتفخيم كأنه قال يكشف عن ساق عظيمة.
قالوا : وحمل الآية على الشدة لا يصح بوجه ، فإن لغة القوم أن يقال : كشفت الشدة عن القوم لا كشفت عنها ، كقوله تعالى : (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ) (الزخرف : ٥٠) فالعذاب هو المكشوف لا المكشوف عنه وأيضا فهناك تحدث شدة لا تزول إلا بدخول الجنة وهنا لا يدعون إلى السجود ، وإنما يدعون إليه أشد ما كانت الشدة.
(التاسع) أن يقال : ذكر العين المفردة مضافة إلى الضمير المفرد والأعين مجموعة مضافة إلى ضمير الجمع. وذكر العين مفردة لا يدل على أنها عين واحدة ليس إلا كقولك : أفعل هذا على عينى. وأحبك على عيني ؛ ولا يريد أن له عينا واحدة. وإنما إذا أضيفت العين إلى اسم الجمع ظاهرا ومضمرا فالأحسن جمعها مشاكلة للفظ ، كقوله : (تَجْرِي بِأَعْيُنِنا) (القمر : ١٤) وقوله : (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا) (هود : ٣٧) وهذا نظير المشاكلة في لفظ اليد المضافة إلى المفرد (بِيَدِهِ الْمُلْكُ) (الملك : ١) و (بِيَدِكَ الْخَيْرُ) (آل عمران : ٢٦) وإن أضيفت إلى ضمير جمع جمعت ، كقوله : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً) (يس : ٧١) وكذلك إضافة اليد والعين إلى اسم الجمع الظاهر كقوله : (بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) (الروم : ٤١) وقوله : (فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ) (الأنبياء : ٦١).
وقد نطق الكتاب والسنة بذكر اليد مضافة إليه بلفظ مفردة ، مجموعة ومثناة ، وبلفظ العين مضافة إليه مفردة ومجموعة. ونطقت السنة بإضافتها إليه مثناة ، كما قال عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم «إن العبد إذا قام في الصلاة قام بين عيني الرحمن. فإذا التفت قال له ربه : إلى من تلتفت ، إلى خير لك منى» (١) وقول
__________________
(١) (ضعيف) ذكره الهيثمي في «المجمع» (٢ / ٨٠) وعزاه للبزار من حديث جابر يرفعه وقال : وفيه الفضل بن عيسى الرقاشى وقد أجمعوا على ضعفه ، ورواه من حديث أبي هريرة ، وقال الهيثمي وفيه إبراهيم بن يزيد وهو ضعيف. ا ه.