والإتيان ونظائر ذلك من أنواع الحركة ، ثم اختلفوا في ذلك ، فمنهم من قصد التأويل على هذا النوع خاصة ، وجعل فيه روايتين ، ومنهم من حكى روايتين في باب الصفات الخبرية بالنقل والتخريج. والرواية المشهورة من مذهبه ترك التأويل في الجميع ، حتى أن حنبلا نفسه ممن نقل عنه ترك التأويل صريحا فإنه لما سأله عن تفسير النزول هل هو أمره أم ما ذا؟ نهاه عنه.
وطريقة القاضي وابن الزاغوني تخصيص الروايتين بتأويل النزول ونوعه وطريقة ابن عقيل تعميم الروايتين لكل ما يمنع عندهم إرادة ظاهرة ، وطريقة الخلال وقدماء الأصحاب امتناع التأويل في الكل ، وهذه رواية إما شاذة أو أنه رجع عنها ، كما هو صريح عنه في أكثر الروايات ، وإما أنها إلزام منه ومعارضة لا مذهب ، وهذا الاختلاف وقع نظيره في مذهب مالك ، فإن المشهور عنه وعن أئمة السلف إقرار نصوص الصفات والمنع من تأويلها ، وقد روى عنه أنه تأول قوله : «ينزل ربنا» بمعنى نزول أمره وهذه الرواية لها إسنادان (أحدهما) من طريق حبيب كاتبه ، وحبيب هذا غير حبيب ، بل هو كذاب وضاع باتفاق أهل الجرح والتعديل ، ولم يعتمد أحد من العلماء على نقله ، والإسناد (الثاني) فيه مجهول لا يعرف حاله ، فمن أصحابه من أثبت هذه الرواية ، ومنهم من لم يثبتها ، لأن المشاهير من أصحابه لم ينقلوا عنه شيئا من ذلك.
* * *
فصل
وهاهنا قاعدة يجب التنبيه عليها ، وهي أنه إذا ثبت عن مالك وأحمد وغيرهما تأويل شيء في موارد النزاع لم يكن فيه أكثر من أنه وقع بينهم نزاع في معنى الآية أو الحديث ، وهو نظير اختلافهم في تفسير آيات وأحاديث ، مثل تنازع ابن عباس وعائشة في قوله تعالى : (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى) (النجم : ١٣) فقال ابن عباس رأى ربه ، قالت عائشة بل رأى جبرائيل ، وكتنازع ابن مسعود