هذا حديث حسن جليل ، وعبد الله بن محمد بن عقيل صدوق حسن الحديث. وقد احتج به غير واحد من الأئمة ، وتكلم فيه من قبل حفظه ، وهذا الضرب ينتفي من حديثهم ما خالفوا فيه الثقات ، ورووا ما يخالف روايات
__________________
ـ في حديث واحد. والحديث ذكره الهيثمي في «المجمع» (١٠ / ٣٤٦) وقال : رواه أحمد ورجاله وثقوا ا ه.
وقال الحافظ في «الفتح» : هو حديث أخرجه المصنف ـ يعني البخاري ـ في «الأدب المفرد» وأحمد وأبو يعلى في «مسنديهما» من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل أنه سمع جابر بن عبد الله يقول : بلغني عن رجل حديث سمعه من رسول الله صلىاللهعليهوسلم فاشتريت بعيرا ... فذكره ، ثم قال : وله طريق أخرى أخرجها الطبراني في «مسند الشاميين» وتمام في «فوائده» من طريق الحجاج بن دينار عن محمد بن المنكدر عن جابر وإسناده صالح ، وله طريق ثالثة أخرجها الخطيب في «الرحلة» من طريق أبي الجارود العنسي عن جابر ، وفي إسناده ضعف.
وقال : وادعى بعض المتأخرين أن هذا ينقض القاعدة المشهورة أن البخاري حيث يعلق بصيغة الجزم يكون صحيحا ، وحيث يعلق بصيغة التمريض يكون فيه علة ، لأنه علقه بالجزم هنا ، ثم أخرج طرفا من متنه في كتاب «التوحيد» بصيغة التمريض فقال : ويذكر عن جابر عن عبد الله بن أنيس قال : سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «يحشر الله العباد فيناديهم بصوت ... الحديث.
ثم قال الحافظ : وهذه الدعوى مردودة ، والقاعدة بحمد الله غير منتقضة ، ونظر البخاري أدق من أن يعترض عليه بمثل هذا فإنه حيث ذكر الارتحال فقط جزم به لأن الإسناد حسن وقد اعتضد ، وحيث ذكر طرفا من المتن لم يجزم به لأن لفظ الصوت مما يتوقف في إطلاق نسبته إلى الرب ويحتاج إلى تأويل ، فلا يكفي فيه مجيء الحديث من طرق مختلف فيها ولو اعتضدت ، ومن هنا يظهر شفوف علمه ، ودقة نظره ، وحسن تصرفه رحمهالله تعالى ا ه.
وتعقبه فضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ حفظه الله ـ بقوله : ليس الأمر كذلك ، بل إطلاق الصوت على كلام الله سبحانه قد ثبت في غير هذا الحديث عند المؤلف ـ يعني البخاري ـ وغيره ، فالواجب إثبات ذلك على الوجه اللائق بالله كسائر الصفات ، كما هو مذهب أهل السنة والله اعلم ا ه قلت : لكن عاد الحافظ وأقر بهذه الصفة لله عزوجل كما سيأتى قريبا.
راجع «فتح الباري» الطبعة السلفية (١ / ٢١٠) ، (١٣ / ٤٩٥ ـ ٤٦٦).