والفرقة الرابعة : يزعمون أن كلام الله عزوجل عرض ، وأنه مخلوق ، وأحالوا أن يوجد في مكانين في وقت واحد ، وزعموا أن المكان الذي خلقه الله تعالى فيه محال انتقاله ، وزاوله منه ووجوده في غيره. وهذا قول جعفر بن حرب وأكثر البغداديين.
والفرقة الخامسة : أصحاب معمر يزعمون أن القرآن عرض ، والأعراض عندهم قسمان : قسم منهما يفعله الأحياء وقسم منهما يفعله الأموات ، ومحال أن يكون ما يفعله الأموات فعلا للأحياء. والقرآن مفعول وهو عرض ، ومحال أن يكون الله فعله في الحقيقة ، لأنهم يحيلون أن تكون الأعراض فعلا لله. وزعموا أن القرآن فعل للمحل الذي يسمع منه ، إذ سمع من الشجرة فهو فعل لها حيث سمع ، فهو فعل المحل الذي حل فيه.
والفرقة السادسة : يزعمون أن كلام الله عرض مخلوق ، وأنه يوجد في أماكن كثيرة في وقت واحد. وهذا قول الإسكافي.
واختلفت المعتزلة في كلام الله هل يبقى؟ فقالت فرقة منهم يبقى بعد خلقه ، وقالت فرقة أخرى لا يبقى وإنما يوجد في الوقت الذي خلقه ثم يعدم بعد ذلك ، وهذا المذهب هو من فروع الأصل الباطل لجميع كتب الله ورسله ، ولصريح المعقول والفطر ، من جحد صفات الرب وتعطيل حقائق أسمائه ونفي قيام الأفعال به ، فلما أصلوا أنه لا يقوم به وصف ولا فعل كان من فروع هذا الأصل أنه لم يتكلم بالقرآن ولا بغيره ، وأن القرآن مخلوق ، وطرد ذلك إنكار ربوبيته وإلهيته ، فإن ربوبيته سبحانه إنما تتحقق بكونه فعالا مدبرا متصرفا في خلقه ، يعلم ويقدر ويريد ويسمع ويبصر ؛ فإذا انتفت أفعاله وصفاته انتفت ربوبيته ، وإذا انتفت عنه صفة الكلام انتفى الأمر والنهي ولوازمها ، وذلك ينفي حقيقة الإلهية ، فطرد ما أصلوه أن الله سبحانه ليس برب العالم ولا إله ، فضلا عن أن يكون لا رب غيره ولا إله وسواه.
المذهب الرابع : مذهب الكلابية أتباع عبد الله بن سعيد بن كلاب ، أن القرآن معنى قائم بالنفس لا يتعلق بالقدرة والمشيئة ، وأنه لازم لذات الرب كلزوم الحياة والعلم وأنه لا يسمع على الحقيقة ، والحروف والأصوات حكاية له