دالة عليه وهى مخلوقة ، وهو أربع معان في نفسه والأمر والنهي ، والخبر والاستفهام ، فهي أنواع لذلك المعنى القديم الذي لا يسمع ، وذلك المعنى هو المتلو المقروء ، وهو غير مخلوق : والأصوات والحروف هي تلاوة العباد ، وهى مخلوقة ، وهذا المذهب أول من يعرف أنه قال به ابن كلاب ، وبناه على أن الكلام لا بد أن يقوم بالمتكلم ، والحروف والأصوات حادثة فلا يمكن أن تقوم بذات الرب تعالى ، لأنه ليس محلا للحوادث ، فهي مخلوقة منفصلة عن الرب ، والقرآن اسم ذلك المعنى وهو غير مخلوق.
المذهب الخامس : مذهب الأشعري ومن وافقه أنه معنى واحد قائم بذات الرب ، وهو صفة قديمة أزلية ليس بحرف ولا صوت ، ولا ينقسم ولا له أبعاض ولا له أجزاء ولا عين الأمر وعين النهى وعين الخبر وعين الاستخبار ، الكل من واحد وهو عين التوراة والإنجيل والقرآن والزبور ، وكونه أمرا ونهيا ، وخبرا واستخبارا صفات لذلك المعنى الواحد ، وأنواع له ، فإنه لا ينقسم بنوع ولا جزء ، وكونه قرآنا وتوراة وإنجيلا تقسيما للعبارات عنه لا لذاته ، بل إذا عبر عن ذلك المعنى بالعربية كان قرآنا ، وإن عبر عنه بالعبرانية كان توراة ، وإن عبر عنه بالسريانية كان اسمه إنجيلا ، والمعنى واحد ، وهذه الألفاظ عبارة عنه ولا يسميها حكاية ، وهي خلق من المخلوقات ، وعنه لم يتكلم الله بهذا الكلام العربي ، ولا سمع من الله وعنده ذلك المعنى سمع من الله حقيقة ، ويجوز أن يرى ويشم ، ويذاق ويلمس ، ويدرك بالحواس الخمس ، إذ المصحح عنده لإدراك الحواس هو الوجود ، فكل وجود يصح تعلق الإدراكات كلها به كما قرره في مسئلة رؤية من ليس في جهة من الرائي ، وأنه يرى حقيقة وليس مقابلا للرائي.
هذا قولهم في الرؤية وذلك قولهم في الكلام.
والبلية العظمى نسبة ذلك إلى الرسول صلىاللهعليهوسلم وأنه جاء بهذا ودعا إليه الأمة. وأنهم أهل الحق ، ومن عداهم أهل الباطل ، وجمهور العقلاء يقولون : إن تصور هذا المذهب كاف في الجزم في بطلانه. وهو لا يتصور إلا كما تتصور المستحيلات الممتنعات. وهذا المذهب مبني على مسئلة إنكار قيام الأفعال والأمور