فقال عبد الله بن أحمد في كتاب «السنة» قلت لأبي : يا أبت إن قوما يقولون إن الله لم يتكلم بصوت ، فقال يا بني هؤلاء الجهمية إنما يدورون على التعطيل يريدون أن يلبسوا على الناس بلى تكلم بصوت (١).
ثم قال حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي حدثنا الأعمش حدثنا مسلم بن صبيح عن مسروق عن عبد الله قال : إذا تكلم الله بالوحى سمع صوته أهل السماء كجر السلسلة علي الصف. وصرح البخاري بأن الله يتكلم بحرف وصوت ، وذكر في كتابه «الصحيح» حديث جابر «يحشر الله العباد فيناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب» (٢) فاحتج به في الباب وإن ذكره تعليقا ، وذكر عن مسروق عن ابن مسعود : إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات شيئا فزع عن قلوبهم وسكن الصوت عرفوا أنه الحق من ربهم ونادوا : ما ذا قال ربكم؟ قالوا الحق.
وكذلك ابن القاسم صاحب مالك صرح في رسالته في «السنة» : إن الله يتكلم بصوت وهذا لفظه قال : والإيمان بأن الله كلم موسى بن عمران بصوت سمعه موسى من الله تعالى لا من غيره ، فمن قال غير هذا أو شك فقد كفر ، حكى ذلك ابن شكر في «الرد على الجهمية» عنه.
وكذلك أبو الحسن بن سالم شيخ سهل بن عبد الله التستري صرح بذلك. وكان الحارث المحاسبي ينكر أولا أن الله يتكلم بصوت ثم رجع عن ذلك ، وحكى عنه الكلاباذي في كتاب «التعرف لمذهب التصوف» أنه كان يقول : إن الله يتكلم بصوت ، وهذا آخر قوله كما ذكره معمر بن زياد الأصبهاني في أخبار الصوفية أن الحارث كان يقول : إن الله يتكلم بلا صوت ثم رجع عن ذلك.
وكذلك قام إمام الأئمة محمد بن خزيمة وأبو نصر السجزي وشيخ الإسلام
__________________
(١) رواه عبد الله بن أحمد في «السنة» (٢ / ٢٨) وتقدم ذكر آراء الإمام أحمد في هذا الباب.
(٢) رواه البخاري تعليقا (١٣ / ٤٦١ : فتح) ، ووصله في «خلق أفعال العباد» ص (١٣٧) ، الإمام أحمد (٣ / ٤٩٥) ، وابن أبي عاصم في «السنة» (ص ١٣٧).