فوجده قد لدغ فمات فحرقه بالنار ، فعند ذلك قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «من كذب عليّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» (١).
وروى أبو بكر بن مردويه من حديث الأوزاعي عن أبي سلمة عن أسامة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «من تقول عليّ ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار» (٢) وذلك أنه بعث رجلا فكذب عليه فوجد ميتا قد انشق بطنه ولم تقبله الأرض.
فالله سبحانه لم يقر من كذب عليه في حياته وفضحه ، وكشف ستره للناس بعد مماته.
وأما ما يرجع إلى المخبر به فإنه الحق المحض وهو كلام رسول الله صلىاللهعليهوسلم الذي كلامه وحى فهو أصدق ، وأحق الحق بعد كلام الله ، فلا يشتبه بالكذب والباطل على ذي عقل صحيح ، بل عليه من النور والجلالة والبرهان ما يشهد بصدقه ، والحق عليه نور ساطع يبصره وذو البصيرة السليمة ، فبين الخبر الصادق عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبين الخبر الكاذب عنه من الفرق كما بين الليل والنهار والضوء والظلام ، وكلام النبوة متميز بنفسه عن غيره من الكلام الصدق ، فكيف نسبته بالكذب ، ولكن هذا إنما يعرفه من له عناية بحديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأخباره وسنته ، ومن سواهم في عمى عن ذلك ، فإذا قالوا أخباره وأحاديثه الصحيحة لا تفيد العلم فهم مخبرون عن أنفسهم أنهم لم يستفيدوا منه العلم ، فهم صادقون فيما يخبرون به عن أنفسهم ، كاذبون في إخبارهم أنها لا تفيد العلم لأهل الحديث والسنة.
وأما ما يرجع إلى المخبر نوعان : نوع له علم ومعرفة بأحوال الصحابة وعدالتهم وتحريهم للصدق والضبط ، وكونهم أبعد خلق الله عن الكذب وعن الغلط والخطأ فيما نقلوا إلى الأمة وتلقاه بعضهم عن بعض بالقبول ، وتلقته الأمة ، عنهم كذلك ، وقامت شواهد صدقهم فيه ، فهذا المخبر يقطع بصدق
__________________
(١) رواه البخاري (١١٠ ، ٣٤٦١) ، ومسلم (٣٠٠٤).
(٢) رواه البخاري (١٠٩).