وسنته ، ولو لم يفد العلم لم تقم علينا بذلك حجة ، ولا على من بلغه واحد أو اثنان أو ثلاثة أو أربعة أو دون عدد التواتر ، وهذا من أبطل الباطل.
فيلزم من قال إن أخبار رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا تفيد العلم أحد أمرين : إما أن يقول إن الرسول لم يبلغ غير القرآن وما رواه عنه عدد التواتر ، وما سوى ذلك لم تقم به حجة ولا تبليغ ، وإما أن يقول إن الحجة والبلاغ حاصلان بما لا يوجب علما ولا يقتضي عملا ، وإذا بطل هذان الأمران بطل القول بأن أخباره صلىاللهعليهوسلم التي رواها الثقات العدول الحفاظ وتلقتها الأمة بالقبول لا تفيد علما ، وهذا ظاهر لا خفاء به.
الدليل الثامن : قوله تعالى : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (البقرة : ١٤٣) وقوله : (وَفِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ) (الحج : ٧٨) وجه الاستدلال أنه تعالى أخبر أنه جعل هذه الأمة عدولا خيارا ليشهدوا على الناس بأن رسلهم قد بلغوهم عن الله رسالته وأدوا عليهم ذلك ، وهذا يتناول شهادتهم على الأمم الماضية وشهادتهم على أهل عصرهم ومن بعدهم أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أمرهم بكذا ونهاهم عن كذا ، فهم حجة الله على من خالف رسول الله ، وزعم أنه لم يأتهم من الله ما تقوم به عليه الحجة ، وتشهد هذه الأمة الوسط عليه بأن حجة الله بالرسل قامت عليه ، ويشهد كل واحد بانفراده بما وصل إليه من العلم الذي كان به من أهل الشهادة ، فلو كانت أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا تفيد العلم لم يشهد به الشاهد ولم تقم به الحجة على المشهود عليه.
الدليل التاسع : قوله تعالى : (وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (الزخرف : ٨٦) وهذه الأخبار التي رواها الثقات الحفاظ عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم إما أن تكون حقا أو باطلا أو مشكوكا فيها ، لا يدرى هل هي حق أو باطل. فإن كانت باطلا أو مشكوكا فيها وجب