يَحْذَرُونَ) (التوبة : ١٢٢) والطائفة تقع على الواحد فما فوقه ، فأخبر أن الطائفة تنذر قومهم إذا رجعوا إليهم ، والإنذار : الإعلام بما يفيد العلم ، وقوله (لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ) نظير قولهم في آياته المتلوة والمشهودة (لعلهم يتفكرون) (لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) (الأعراف : ١٧٦ ، يوسف : ٤٦ ، الأنبياء : ٣١) وهو سبحانه إنما يذكر ذلك فيما يحصل العلم لا فيما لا يفيد العلم.
الدليل الخامس : قوله : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) (الإسراء : ٣٦) أي لا تتبعه ولا تعمل به ، ولم يزل المسلمون من عهد الصحابة يقفون أخبار الآحاد ويعملون بها ويثبتون لله تعالى بها الصفات ، فلو كانت لا تفيد علما لكان الصحابة والتابعون وتابعوهم وأئمة الإسلام كلهم قد قفوا ما ليس لهم به علم.
الدليل السادس : قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (النحل : ٤٣ ، الأنبياء : ٧) فأمر من لم يعلم أن يسأل أهل الذكر وهم أولو الكتاب والعلم ، ولو لا أن أخبارهم تفيد العلم لم يأمر بسؤال من لا يفيد خبره علما ، وهو سبحانه لم يقل سلوا عدد التواتر بل أمر بسؤال أهل الذكر مطلقا ، فلو كان واحد لكان سؤاله وجوابه كافيا.
الدليل السابع : قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ) (المائدة : ٦٧) وقال (ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (النور : ٥٤) وقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «بلغوا عني» وقال لأصحابه في الجمع الأعظم يوم عرفة «أنتم مسئولون عني فما ذا أنتم قائلون؟ قالوا نشهد إنك بلغت وأديت ونصحت» ومعلوم أن البلاغ هو الذي تقوم به الحجة على المبلغ ويحصل به العلم ، فلو كان خبر الواحد لا يحصل به العلم يقع به التبليغ الذي تقوم به حجة الله على العبد ، فإن الحجة إنما تقوم بما يحصل به العلم.
وقد كان رسول الله صلىاللهعليهوسلم يرسل الواحد من أصحابه يبلغ عنه فتقوم الحجة على من بلغه ، وكذلك قامت حجته علينا بما بلغنا العدول الثقات من أقواله وأفعاله