وطائفة أخرى ردت الأحاديث بعدم معرفتها بمن ذهب إليها ، وسموا عدم علمهم إجماعا وردوا به كثيرا من السنن ، وبالغ الشافعى وبعده الإمام أحمد في الإنكار على هؤلاء ووسع الشافعى الرد عليهم في الرسالتين وكتاب «جماع العلم» وغيرها ، ولا يتصور أن تجتمع الأمة على خلاف سنة رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قط إلا أن يكون هناك سنة صحيحة ومعلومة ناسخة ، فتجمع على القول بالسنة الناسخة ، وأما أن تتفق على العمل بترك حديث لا ناسخ له ، فهذا لم يقع أبدا ، ولا يجوز نسبة الأمة إليه ، فإنه قدح فيها ونسبة لها إلى ترك الصواب والأخذ بالخطإ.
(خطأ مقولة : أجمعوا على كذا)
قال الإمام أحمد في رواية ابنه عبد الله : من ادعى الإجماع فقد كذب ، لعل الناس قد اختلفوا هذه دعوى بشر المريسي والأصم ، ولكن يقول : لا أعلم الناس اختلفوا قال : في رواية المروذي : كيف يجوز للرجل أن يقول أجمعوا؟ إذا سمعتهم يقولون أجمعوا فاتهمهم ، لو قال إني لا أعلم لهم مخالفا جاز ، وقال في رواية أبي طالب : هذا كذب ما أعلمه أن الناس مجمعون ، ولكن يقول : لا أعلم فيه اختلافا فهو أحسن من قوله إجماع الناس.
وقال في رواية ابن الحارث : لا ينبغى لأحد أن يدعى الإجماع ، لعل الناس اختلفوا.
وليس مراده بهذا استبعاد وجود الإجماع ، ولكن أحمد وأئمة الحديث بلوا بمن كان يرد عليهم السنة الصحيحة بإجماع الناس على خلافهم ، فبين الشافعي وأحمد أن هذه الدعوى كذب ، وأنه لا يجوز رد السنن بمثلها. قال الشافعي في رواية الربيع عنه ما لا يعلم. فيه نزاع ليس إجماعا ، وقال أيضا : وقد أنكر على منازعة دعوى الإجماع وبيّن بطلانها.
قال فهل من إجماع؟ قلت نعم بحمد الله كثير في جهل الفرائض التي لا يسع جهلها وذلك هو الذي إذا قلت : أجمع الناس لم تجد أحدا يعرف شيئا يقول لك ليس هذا بإجماع فيها وفي أشياء من أصول العلم دون فروعه ودون الأصول غيرها.
ثم قال الشافعي : فقال قد ادعى بعض أصحابك الإجماع بالمدينة ، فقلت له :