ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) (المزمل : ٢٠) وردوا حديث «لا يقبل الله صلاة من لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده» (١) بظاهر قوله : (وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ) (آل عمران : ٤٣) وردوا الحديث لكونه يتضمن زيادة على القرآن فيكون نسخا له والقرآن لا ينسخ بالحديث. وردوا بهذه القاعدة الفاسدة ما شاء من الأحاديث الصحيحة الصريحة. كأحاديث فرض الطمأنينة ، وأحاديث فرض الفاتحة ، وحديث تغريب الزاني.
وقد أنكر الأئمة على من رد أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالقرآن ، وقالوا لا ترد السنة بالقرآن فكيف بمن ردها برأى أو قياس أو قاعدة هو وضعها ، ولهذا الصواب مع من قبل حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم الصحيح الثابت عنه صلىاللهعليهوسلم من غير وجه «أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه» (٢) دون من رده بظاهر القرآن (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) (الأنعام : ١٦٤) وأعجب من ذلك من رده بقوله : (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى) (النجم : ٤٣) وكان الصواب مع حديث فاطمة بنت قيس في إسقاط النفقة والسكنى للمبتوتة (٣) دون من رده بقوله تعالى : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) (الطلاق : ٦) وكان الصواب قبول حديث خطاب النبي صلىاللهعليهوسلم لقتلى بدر دون رده بقوله تعالى : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى) (النمل : ٨٠) وهذا وإن وقع لبعض الصحابة فلم يتفقوا كلهم عن رد هذه الأحاديث بالقرآن ، بل كان الذين قبلوه أضعاف أضاف الذين ردوه ، وقولهم وهو الراجح قطعا دون قول الآخرين فلا يرد حديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم بشيء أبدا إلا بحديث مثله ناسخ له يعلم مقاومته له ومعارضته له وتأخره عنه ، ولا يجوز رده بغير ذلك البتة.
__________________
(١) [صحيح] رواه الإمام أحمد (٤ / ٢٣) ، وابن ماجه (٨٧١) قال البوصيري في الزوائد (١ / ٣٠٣) ، إسناده صحيح رجاله ثقات ا ه ، وصححه الألباني في «صحيح الجامع».
(٢) رواه البخاري (١٢٨٦) ، ومسلم (٩٢٧).
(٣) [صحيح] رواه أبو داود (٢٢٨٥ ، ٢٢٨٨) والنسائي (٦ / ٢١٠) ، من عدة روايات وفي إحداها : «ليست لها نفقة ولا مسكن» وصححه الألباني في «صحيح أبي داود» وأشار إلي أن له أصل في «صحيح مسلم».