أم لا ، وسواء عمل الناس بخلافه أو بوفاقه ، فلا يتركون الحديث لعمل أحد ، لا يتوقفون في قبوله على عمل أحد ، ولا يعارضونه بالقرآن ولا بالإجماع ويعلمون أن هذه المعارضة من أبطل الباطل.
فصل
وطائفة أخرى ردت أحاديث رسول الله صلىاللهعليهوسلم إذا كانت في باب الصفات ، وقبلتها إذا كانت في باب الأحكام والزهد والرقائق ونحوها ، وهؤلاء طوائف من أهل الكلام المبتدع المذموم ، وجعلوا قوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) مستندا لهم في رد الأحاديث الصحيحة تلبيسا منهم وتدليسا على من هو أعمى قلبا منهم وتحريفا لمعنى الآية عن موضعه ففهموا به من أخبار الصفات ما لم يرده الله ولا رسوله ، ولا فهمه أحد من أهل الإسلام أنها تقتضى إثبات على وجه التمثيل بما للمخلوقين.
فصل
وقد عرفت فيما تقدم المقام التاسع والعاشر : وهو أن قولهم خبر الواحد لا يفيد العلم ، قضية كاذبة باتفاق العقلاء إذا أخذت كلية عامة ، وقضية لا تفيد إن أخذت جزئية أو مهملة ، فإن عاقلا لا يقول : كل خبر واحد لا يفيد العلم حتى تنتصبوا للرد عليه كأنكم في شيء ، وكأنكم قد كسرتم عدو الإسلام ، فتسودتم الأوراق بغير فائدة حتى كذب بعض الأصوليين كذبا صريحا لم يقله أحد قط.
فقال : مذهب أحمد بن حنبل في إحدى الروايتين عنه أن خبر الواحد يفيد العلم من غير قرينة ، وهو مطرد عنده في خبر كل واحد.
فيا لله العجب كيف لا يستحي العاقل من المجاهرة بالكذب علي أئمة الإسلام ، لكن عذر هذا وأمثاله أنهم يستجيزون نقل المذاهب عن الناس بلازم أقوالهم ، ويجعلون لازم المذهب في ظنهم مذهبا ، كما نقل بعض هؤلاء المباهتين أن مذهب أحمد بن حنبل وأصحابه أن الله لا يرى يوم القيامة ، قال لأنه يقول أنه لا يري إلا الأجسام ، وقد قام الدليل على أنه سبحانه وتعالى ليس بجسم ، فلا يكون مرئيا على قولهم ، ونقل هذا أيضا أن مذهبهم أن الله تعالى