__________________
التصريح بأن له سمعا وقال أيضا : غرض البخاري في هذا الباب الرد على من قال إن معنى «سميع بصير» : عليم.
قال : ويلزم من قال ذلك أن يسويه بالأعمى الذي يعلم أن السماء خضراء ولا يراها والأصم الذي يعلم أن في الناس أصواتا ولا يسمعها ، ولا شك أن من سمع وأبصر أدخل في صفة الكمال ممن انفرد بأحدهما دون الآخر ، فصح أن كونه سميعا بصيرا يفيد قدرا زائدا على كونه عليما ، وكونه سميعا بصيرا يتضمن أنه يسمع بسمع ، ويبصر ببصر ، كما تضمن كونه عليما أنه يعلم بعلم ولا فرق بين إثبات كونه سميعا بصيرا ، وبين كونه ذا سمع وبصر.
قال : وهذا قول أهل السنة قاطبة. ا ه.
قال الحافظ : واحتج المعتزلى بأن السمع ينشأ عن وصول الهواء المسموع إلى العصب المفروش في أصل الصماخ ، والله منزه عن الجوارح ، وأجيب : بأنها عادة أجراها الله تعالى فيمن يكون حيا فيخلقه الله عند وصول الهواء إلى المحل المذكور ، والله سبحانه وتعالى يسمع المسموعات بدون الوسائط ، وكذا يرى المرئيات بدون المقابلة وخروج الشعاع ، فذات البارى مع كونه حيا موجودا لا تشبه الذوات ، فكذلك صفات ذاته لا تشبه الصفات. أه (الفتح : ١٣ / ٣٨٥).
وقال البيهقي في «الأسماء والصفات» بعد أن ساق حديث أبي هريرة الذي أخرجه أبو داود بسند قوى على شرط مسلم قال : «رأيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقرؤها ـ يعنى قوله تعالى (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها ...) إلى قوله : (إِنَّ اللهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً).
ويضع إصبعيه ـ قال أبو يونس : وضع أبو هريرة إبهامه على أذنه والتي تليها على عينه.
قال البيهقي : وأراد بهذه الإشارة تحقيق إثبات السمع والبصر لله ببيان محلهما من الإنسان ، ويريد أن له سمعا وبصرا لا أن المراد به العلم ؛ فلو كان كذلك لأشار إلى القلب لأنه محل العلم ، ولم يرد بذلك الجارحة فإن الله تعالى منزه عن مشابهة المخلوقين.
ثم ذكر لحديث أبي هريرة شاهدا من حديث عقبة بن عامر : «سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول على المنبر : إن ربنا سميع بصير ـ وأشار إلى عينيه» قال الحافظ : وسنده حسن.
وقال : وفي حديث «إن الله ليس بأعور» وأشار بيده إلى عينه ا. ه المصدر السابق.
قلت : وأورد البخاري في الباب حديث أبي موسى قال : كنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم في سفر ، فكنا إذا علونا كبرنا ، فقال : «أربعوا على أنفسكم ، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، تدعون سميعا بصيرا قريبا» ... الحديث.