__________________
«الفرق بين الفرق» : اعلموا أسعدكم الله أن ضرر الباطنية على فرق المسلمين أعظم من ضرر اليهود والنصارى والمجوس عليهم ، بل أعظم من مضرة الدهرية وسائر أصناف الكفرة عليهم ، بل أعظم من ضرر الدجال الّذي يظهر في آخر الزمان ، وقال : «وذكر أصحاب التواريخ أن الذين وضعوا أساس دين الباطنية كانوا من أولاد المجوس ، وكانوا مائلين إلى دين أسلافهم ، ولم يجسروا على إظهاره خوفا من سيوف المسلمين ، فوضع الأغمار منهم أسسا من قبلها منهم صار في الباطن إلى تفصيل أديان المجوس وتأولوا آيات القرآن وسنن النبي صلىاللهعليهوسلم على موافقة سننهم ، ثم قال : وذكر زعماء الباطنية في كتبهم أن الإله خلق النفس ، فالإله هو الأول ، والنفس هو الثاني ، وهما مدبرا هذا العالم ، وسموهما الأول والثاني ، وربما سموهما العقل والنفس ، ثم قالوا : إنهما يدبران هذا العالم بتدبير الكواكب السبعة والطبائع الأول ، وقولهم : إن الأول والثاني يدبران العالم ، هو بعينه قول المجوس بإضافة الحوادث لصانعين أحدهما قديم والآخر محدث ، ثم قال : ولم يمكنهم إظهار عبادة النيران ، فاحتالوا بأن قالوا للمسلمين : ينبغي أن تجمر المساجد كلها وأن تكون في كل مسجد مجمرة يوضع عليها الندّ والعود في كل حال ، وكانت البرامكة قد زينوا للرشيد ـ رحمهالله ـ أن يتخذ في جوف الكعبة مجمرة يتبخر عليها العود أبدا ، فعلم الرشيد أنهم أرادوا من ذلك عبادة النار في الكعبة ، وأن تصير الكعبة بيت نار فكان ذلك أحد أسباب قبض الرشيد على البرامكة ، ثم إن الباطنية لما تأولت أصول الدين على الشرك احتالت أيضا لتأويل أحكام الشريعة على وجوه تؤدي إلى رفع الشريعة ، أو إلى مثل أحكام المجوس أ. ه بتصرف. ولمزيد معرفة بهذه الفئة الضالة وخطورتها انظر : «مروج الذهب» (٣ / ٣٠٥ ، ٤ / ٥٢ ـ ٦٦ ، ٢٨٠) ، و «وفيات الأعيان» لابن خلكان (١ / ٤٠٩) ، و «الكامل» في التاريخ لابن الأثير في حوادث (٢٧٨) وسنة (٣٠١) وسنة (٣١١) وسنة (٣١٧) ، و «فرق المسلمين والمشركين» لفخر الدين الرازي (ص ٧٦) وما بعدها ، و «خطط المقريزي» (٢ / ٣٥٧) ، و «الفهرس» لابن النديم (ص ٢٧٨) ، «والفرق بين الفرق» (٢٨١ ـ ٣١١).
وقال ابن الجوزى في «التلبيس» : الباطنية قوم تستروا بالإسلام ، ومالوا إلى الرفض ، وعقائدهم وأعمالهم تباين الإسلام بالمرة ، فمحصول قولهم : تعطيل الصانع ، وإبطال النبوة والعبادات ، وإنكار البعث ، ولكنهم لا يظهرون هذا في أول أمرهم ، بل يزعمون أن الله حق ، وأن محمدا رسول الله ، والدين صحيح ، ولكنهم يقولون : لذلك سر غير