تقتاد القدّ ، وتشرب الطرق ، وظلّت على هذا الحال من الذلّ والفقر والهوان حتى أنقذها الله سبحانه وتعالى برسوله العظيم ، فدفعها إلى واحات الحضارة والتطوّر ، وجعلها في الطليعة الواعية من امم العالم ، فما أعظم عائدته على العرب وعلى الناس أجمعين ، كما عرضت سيّدة نساء العالم إلى فضل ابن عمّها الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، وجهاده المشرق في نصرة الإسلام والذبّ عن حياضه ، فالجاهلية الرعناء من قريش وغيرهم كلّما أوقدوا نارا للحرب تقدّم إليها الإمام فوطئ صماخها بأخمصه وخمد لهبها بسيفه ، في حين كان المهاجرون من قريش في رفاهية وادعين آمنين ، لم يكن لهم أي ضلع يذكر في نصرة الإسلام والدفاع عنه ، وإنّما كانوا ينكصون عند النزال ويفرّون من القتال.
وكانوا يتربّصون بأهل بيت النبيّ الدوائر ، ويتوقّعون فيهم نزول القواصم ، كما أعربت سيّدة نساء العالمين عن أسفها البالغ على ما مني به المسلمون من الزيغ والانحراف ، والاستجابة الكاملة لدواعي الهوى وحبّ الدنيا ، وتنبّأت صلوات الله عليها ما سيواجهه المسلمون من الأحداث المروعة والكوارث المؤلمة نتيجة ما اقترفوه من الأخطاء والانحراف عمّا أمره الله ورسوله من التمسّك بالعترة الطاهرة التي هي مصابيح الهدى وطرق النجاة.
وبعد ما أدلت حبيبة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذه المواد عرضت إلى حرمانها المؤسف من إرث أبيها فقالت :
« وأنتم الآن تزعمون أن لا إرث لنا ، أفحكم الجاهليّة تبغون ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون.
أفلا تعلمون ـ بلى قد تجلّى لكم كالشّمس الضّاحية ـ أنّي ابنته.
أيّها المسلمون ، أأغلب على تراث أبي؟