٢ ـ استدلت بعموم آيات المواريث ، وعموم آية الوصيّة ، وهي بالطبع شاملة لأبيها ، وخروجه منها من باب التخصيص بلا مخصّص ، وهو ممتنع كما صرح علماء الاصول.
٣ ـ إنّ ما يوجب تخصيص آية المواريث وعموم آية الوصية أن يختلف المورّث ووارثه في الدين بأن يكون المورّث مسلما ووارثه كافرا ، فإنّه لا ميراث بينهما ، وهذه الجهة منتفية انتفاء قطعيّا ، فسيّدة النساء أبوها مؤسّس الإسلام وخاتم الأنبياء ، وهي بضعته وريحانته وسيّدة نساء العالمين ، فكيف تمنع عن إرثها؟ وبعد هذه الحجج البالغة وجّهت خطابها لأبي بكر قائلة له :
« فدونكها مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك ونشرك ، فنعم الحكم الله ، والزّعيم محمّد ، والموعد القيامة ، وعند السّاعة يخسر المبطلون ، ولا ينفعكم إذ تندمون ، ولكلّ نبأ مستقرّ ، ولسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحلّ عليه عذاب مقيم ».
يا له من تقريع أمضى وأوجع من كلّ ألم ممضّ! يا له من عتاب أقسى من ضرب السيوف! ثمّ اتّجهت حبية الرسول إلى المسلمين تستنهض عزائمهم وتحثّهم على الاطاحة بحكومة أبي بكر قائلة :
« يا معشر النّقيبة وأعضاد الملّة وحضنة الإسلام ، ما هذه الغميزة في حقّي ، والسّنّة عن ظلامتي؟ أما كان رسول الله أبي يقول : المرء يحفظ في ولده ، سرعان ما أحدثتم وعجلان ذا إهالة ، ولكم طاقة بما أحاول ، وقوّة على ما أطلب وأزاول؟
أتقولون : مات محمّد فخطب جليل استوسع وهنه ، واستنهر فتقه ، وانفتق رتقه ، وأظلمت الأرض لغيبته ، وكسفت الشّمس والقمر ، وانتثرت النّجوم لمصيبته ،