وفنّدت بضعة الرسول هذه الرواية في خطابها التأريخي الخالد ، فلم تر حاجة إلى تفنيدها مرّة أخرى ، والتفت إليه وقد شاركت معه عمر قائلة :
« نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول : رضا فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني ، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟ ... ».
فأجابا بالتصديق قائلين : أجل سمعناه يقول ذلك ..
فرفعت وجهها وكفّيها إلى السماء ، وراحت تقول بحزن وفؤاد مكلوم ..
« فإنّي اشهد الله وملائكته أنّكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت رسول الله لأشكونّكما إليه .. ».
وانطلق أبو بكر يبكي ، فقالت له :
« والله! لأدعونّ عليك في كلّ صلاة اصلّيها » (١) ، فما كان أشدّها كلمات أخفّ من وقعها ضربات السيف! ... مادت الأرض تحتهما ، ودارت كالرحى حتى سارا من هول ما لقيا يترنّحان ، وغادرا الدار وقد خبا أملهما في رضا زهراء الرسول ، وعلما مدى الغضب الذي أثارته عليهما ومدى السخط الذي باءا به (٢).
وحقّ لأبي بكر أن يحزن ويبكي بعد ما فاته رضا زهراء الرسول التي يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها كما حدّث بذلك أبوها (٣).
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ١٤. أعلام النساء ٣ : ١٢١٤. الإمام عليّ بن أبي طالب ـ عبد الفتاح عبد المقصود ١ : ٢١٧.
(٢) الإمام عليّ بن أبي طالب ١ : ٢١٧.
(٣) مستدرك الحاكم ٣ : ١٥٣. اسد الغابة ٥ : ٥٢٢. تهذيب التهذيب ١٢ : ٢٤١. ميزان الاعتدال ٢ : ٧٢. كنز العمّال ٦ : ٢١٩. ذخائر العقبى : ٣٩. مقتل الخوارزمي ١ : ٥٢.