عليهم من بعده قائلا له :
يا أبتي ، استخلف على أمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنّه لو جاء راعي إبلك أو غنمك وترك إبله أو غنمه لا راعي لها ، وقلت له : كيف تركت أمانتك ضائعة فكيف بامّة محمّد ، فاستخلف عليهم ..
ورمقه عمر بطرفه ، وأجابه :
إن استخلف عليهم فقد استخلف أبو بكر ، وإن أتركهم فقد تركهم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم .. (١).
ولعلّ « الوجع » قد غلب عمر فنسي قيام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بنصب عليّ خليفة من بعده في يوم « غدير خمّ » ، وإلزام المسلمين بمبايعته ، وعمر بالذات ممّن بايعه ، وقال له : بخ بخ لك يا عليّ ، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة.
وهل أبو بكر أشفق على المسلمين من النبيّ فأوصى من بعده بالخلافة إلى عمر وأهمل ذلك النبيّ ولم يوص لأحد من بعده؟
وعلى أي حال فإنّ عمر قد فتكت به جراحاته ، وأحاطت به الآلام ، فجزع جزعا شديدا ، وجعل يقول :
لو أنّ لي ما في الأرض ذهبا لا فتديت به من عذاب الله قبل أن أراه .. (٢).
والتفت لولده عبد الله وقال له : ضع خدّي على الأرض ..
فلم يحفل به ولده ، وظنّ أنّه قد اختلس عقله ، وأمره ثانيا بذلك فلم يجبه ، فصاح به :
ضع خدّي على الأرض لا أمّ لك ..
__________________
(١) مروج الذهب ٢ : ٢١٧.
(٢) شرح نهج البلاغة ـ ابن أبي الحديد ١٢ : ١٩٢.