على أكتاف المسلمين (١).
إنّ أدنى تأمّل في أمر هذه الشورى يوحي بأنّ المقصود منها إبعاد الإمام عن الحكم وتسليمه للأمويّين.
٣ ـ إنّ عمر عمد في هذه الشورى إلى إبعاد الأنصار ، فلم يجعل لأي أحد منهم نصيبا فيها ، وهم آووا النبيّ ونصروا الإسلام في أيام محنته وغربته ، وقدّموا أبناءهم قرابين للدعوة الإسلامية ، وقد أوصى بهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خيرا ، كما لم يجعل عمر فيها لعمّار وأبي ذرّ ومالك الأشتر وغيرهم من أعلام الإسلام أي نصيب فيها ، وأكبر الظنّ أنّه إنّما أبعدهم لأنّ لهم هوى مع الإمام ، ولهذه الجهة أقصاهم وقصر أعضاء الشورى على العناصر الحاقدة على الإمام.
٤ ـ إنّ عمر قد شهد في حقّ أعضاء الشورى أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مات وهو عنهم راض أو انّه شهد لهم بالجنّة ، فكيف عهد إلى الشرطة بضرب أعناقهم إن تخلّفوا عن انتخاب أحدهم ، ويقول الناقدون لهذه الشورى إنّه كيف ساغ لعمر الأمر بقتلهم إن تخلّفوا عن الانتخاب مع العلم أنّ الإسلام بصورة جازمة حرّم إراقة الدماء وأوجب التحرّج فيها إلاّ في مواضع مخصوصة ذكرها الفقهاء وهذا ليس منها.
٥ ـ إنّ عمر إنّما قصر أعضاء الشورى على ستّة بحجّة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مات وهو عنهم راض ، وذلك لا يصلح دليلا على حصر أعضاء الشورى فيهم ؛ لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مات وهو راض عن كثير من صحابته ، فتقديم هؤلاء عليهم إنّما هو من باب الترجيح بلا مرجّح وهو ممّا يتّسم بالقبح ـ كما يقول علماء الاصول.
٦ ـ إنّ عمر جعل الترجيح في الانتخاب إلى الجهة التي تضمّ عبد الرحمن بن عوف ، وقدّمها على الجهة التي تضمّ الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، وهو تحيّز ظاهر
__________________
(١) الإمام الحسين عليهالسلام ١ : ٢٦٧.