القبائل وصمّمت على قتله ، ففر منهم في غلس الليل تاركا وصيّه وابن عمّه في فراشه ، وبعد ما هاجر منهم إلى يثرب خفّوا بجيوشهم إلى قتاله ، فكيف يسمح لهم بالتدخل في شئون المسلمين؟ إنّ الحكم والرأي يجب أن يكون بيد أمثال عمّار وأبي ذرّ ومالك الأشتر والأنصار ، وغيرهم يكونون في ذيل القافلة.
وعلى أي حال فقد احتدم الجدال بين الهاشميّين وأنصارهم ، وبين الأمويّين وأتباعهم ، فانبرى عمّار بن ياسر يدعوهم إلى الصالح العامّ قائلا :
أيّها الناس ، إنّ الله أكرمنا بنبيّه ، وأعزّنا بدينه ، فإلى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيّكم؟ ...
فانبرى رجل من مخزوم فقطع على عمّار كلامه قائلا :
لقد عدوت طورك يا ابن سميّة ، وما أنت وتأمير قريش لأنفسها؟ ...
إنّ هذا الجاهلي يرى عمّارا قد تعدّى طوره ؛ لأنّه تدخّل في شئون قريش التي أناطت بهم الشورى العمرية شئون المسلمين.
إنّ عمّارا وأباه ياسرا وامّه سميّة ممّن يعتزّ بهم الإسلام ويفخر بنضالهم وجهادهم ، فهم الطليعة الاولى التي ساهمت في بناء الإسلام وأقامت صروحه ... إنّ أمر الخلافة يجب أن يكون بيد عمار وغيره من الضعفاء الذين أعزّهم الله بدينه ، وليس للقرشيّين وغيرهم من الطغاة أي حقّ في التدخّل في شئون المسلمين لو كان هناك منطق أو حساب.
وعلى أيّ حال فقد احتدم النزاع بين المسلمين والقرشيّين ، فخاف سعد أن يفوت الأمر وتفوز الجبهة الموالية للإمام ، فالتفت إلى ابن عمّه عبد الرحمن فقال له :
يا عبد الرحمن ، افرغ من أمرك قبل أن يفتتن الناس.
والتفت ابن عوف إلى الإمام قائلا :
هل أنت مبايعي على كتاب الله ، وسنّة نبيّه ، وفعل أبي بكر وعمر؟