ولمّا ولاّه عثمان ولاية الكوفة كان يشرب الخمر جهارا ، وقد دخل القصر وهو ثمل يتمثّل بأبيات تأبط شرّا :
ولست بعيدا عن
مدام وقينة |
|
ولا بصفا صلد عن
الخير معزل |
ولكن أروى من
الخمر هامتي |
|
وأمشي الملا بالساحب
المتسلسل (١) |
ومن مجونه أنّه كان يفيق لياليه سكران مع المغنّين حتى الصباح ، وكان نديمه أبو زيد الطائي من نصارى تغلب ، وقد أنزله دارا له على باب المسجد ، ثمّ وهبها له ، وكان الطائي يشقّ صفوف المصلّين في الجامع حتى ينتهي إليه وهو سكران (٢).
وكان من إدمانه على الخمر أنّه شربها فصلّى بالناس صلاة الصبح وهو ثمل أربع ركعات ، وصار يقول في ركوعه وسجوده : اشرب واسقني ، ثمّ قاء الخمر في المحراب وسلّم ، والتفت إلى المصلّين خلفه وقال : هل أزيدكم؟ فقال له ابن مسعود : لا زادك الله خيرا ولا من بعثك إلينا ، وأخذ فروة نعله وضرب بها وجهه ، وحصبه الناس ، فدخل القصر والحصباء تأخذه وهو ثمل (٣) مترنّح ، وفي فضائحه ومخازيه يقول الحطيئة جرول بن أوس العبسي :
شهد الحطيئة يوم
يلقى ربّه |
|
أنّ الوليد أحقّ
بالغدر |
نادى وقد تمّت
صلاتهم |
|
أأزيدكم ثملا
ولا يدري |
ليزيدهم خيرا ولو
قبلوا |
|
منه لزادهم على
عشر |
فأبوا أبا وهب
ولو فعلوا |
|
لقرنت بين الشفع
والوتر |
حبسوا عنانك إذ
جريت ولو |
|
خلوا عنانك لم
تزل تجري (٤) |
__________________
(١) الأخبار الطوال : ١٥٦.
(٢) الأغاني ٥ : ١٢٢. العقد الفريد ٦ : ٣٤٨.
(٣) السيرة الحلبية ٢ : ٣١٤.
(٤) الأغاني ٤ : ١٧٨.