أرأيتم هذه السخرية اللاذعة والاستهزاء السافر بأحد ولاة عثمان؟
وقال الحطيئة في ذمّه وهجائه مرّة أخرى :
تكلّم في الصلاة
وزاد فيها |
|
علانية وجاهر
بالنفاق |
ومجّ الخمر عن
سنن المصلّي |
|
ونادى والجميع
إلى افتراق |
أأزيدكم على أن
تحمدوني |
|
فما لكم ومالي
من خلاق (١) |
وأسرع جماعة من خيار الكوفة إلى يثرب يشكون الوليد إلى عثمان ، وقد صحبوا معهم خاتمه الذي انتزعوه منه في حال سكره ، وقابلوا عثمان ، وعرضوا عليه أنّ الوليد شرب الخمر فزجرهم عثمان وقال لهم بعنف :
ما يدريكم انّه شرب الخمر؟
هي الخمر التي كنّا نشربها في الجاهلية.
وأعطوه خاتمه الذي انتزعوه منه في حال سكره لتأييد شهادتهم ، فغضب عثمان ، ودفع في صدورهم وقابلهم بأخبث القول وأقساه ، وخرجوا منه وهم يتميّزون من الغيظ ، واتّجهوا صوب الإمام وأخبروه بما جرى لهم مع عثمان ، فانبرى إلى عثمان وقال له :
« دفعت الشّهود وأبطلت الحدود ».
وخاف عثمان من عواقب الامور ، فقال للإمام :
ما ترى؟
« أرى أن تبعث إلى صاحبك ، فإن أقاما الشّهادة في وجهه ولم يدل بحجّة أقمت عليه الحدّ .. ».
ولم يجد عثمان بدّا من امتثال أمر الإمام ، فكتب إلى الوليد يأمره بالحضور
__________________
(١) الأغاني ٤ : ١٧٨.