الجاهلي الذي لم يتربّ إلاّ على الرذائل والموبقات.
وعلى أي حال فقد أصبح هاشم مفطرا ؛ لأنّه قد رأى الهلال ، وقد جاء عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم « صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته » ، وقد فطر الناس لإفطاره ، فانتهى الخبر إلى سعيد فأرسل خلفه وضربه ضربا موجعا وأمر بإحراق داره ، وقد أثار ذلك حفائظ النفوس ونقم عليه الأخيار والمتحرّجون في دينهم ، فقد كان اعتداؤه على علم من أعلام الإسلام بغير حقّ ووجه مشروع إلاّ إرضاء لعواطفه المترعة بالجهل والحقد على رجال الإسلام (١).
٢ ـ أعلن سعيد أمام الجماهير القول : إنّما السواد ـ يعني سواد الكوفة ـ بستان لقريش وأثار ذلك حفائظ النفوس ، فالسواد ملك للمسلمين وليس للقرشيّين الذين هم خصوم الإسلام وأعداء الرسول أي حقّ فيه ... وقد اندفع الزعيم الكبير مالك الأشتر إلى الانكار عليه قائلا :
أتجعل مراكز رماحنا ، وما أفاء الله علينا بستانا لك ولقومك؟ ... والله! لو رامه أحد لقرع قرعا يتصأصأ منه ...
لقد اتّخذ الحكم الأموي الذي فرض على الامّة بقوّة السيف خيرات الامّة بستانا لقريش التي ناجزت الإسلام وكفرت بجميع قيمه.
وانضمّ قرّاء المصر وفقهاؤهم إلى الزعيم مالك الأشتر فردّوا على الوالي طيشه وغروره ، وجابهوه بالنقد لمقالته ، وغضب مدير شرطته فردّ عليهم ردّا غليظا ، فبادروا إليه وضربوه ضربا عنيفا حتى اغمي عليه ، وأخذوا يذيعون مساوئ قريش وجرائم بني أميّة وذكر مثالب عثمان ، ورفع سعيد من فوره رسالة إلى عثمان أخبره فيها بما جرى عليه ، فأمره بنفيهم إلى الشام ، وكتب رسالة إلى معاوية يأمره فيها
__________________
(١) حياة الإمام الحسن بن عليّ عليهماالسلام ١ : ٢٤٠.