وتضرّع عثمان إلى محمّد قائلا له :
يا ابن أخي ، دع عنك لحيتي ، فما كان أبوك ليقبض على ما قبضت عليه ..
فأجابه محمّد بعنف :
ما أريد بك أشدّ من قبضي على لحيتك ..
وطعن محمّد جبينه بمشقص كان في يده ، ورفع كنانة بن بشر مشاقص كانت في يده فوجأ بها في أصل اذنه حتى دخلت في حلقه ، ثمّ علاه بالسيف ، ووثب عليه عمرو بن الحمق الخزاعي ، فجلس على صدره وبه رمق فطعنه تسع طعنات ، وكسر عمير بن ضابئ ضلعين من أضلاعه ، وحاولوا حزّ رأسه ، فألقت زوجتاه نائلة وابنة شبيبة بن ربيعة بأنفسهما عليه ، فأمر ابن عديس بتركه لهما .. (١).
وألقيت جثّة عثمان ملطّخة بدمه على الأرض لم يفزع إليه أحد من الأمويّين وآل أبي معيط لمواراته في مقرّه الأخير ، وقد بالغ الثوّار في إهانته ، فقد ألقوا جثمانه على المزيلة ثلاثة أيام (٢) مبالغة في توهينه وتحقيره ، وكلّم بعض خواصه الإمام عليهالسلام أن يتوسّط إلى الثوّار فيواروه ، فكلّمهم الإمام فأذنوا له في دفنه ، ووصف جولد تسهير كيفيّة دفنه بقوله :
وبسط جثمانه دون أن يغسّل على باب ، فكان رأسه يقرع قرعا ، يقابل بخطوات سريعة من حامليه ، وهم يسرعون في ظلام الليل ، والأحجار ترشفه ، واللعنات تتبعه ، ودفنوه في حش كوكب (٣) ، ولم يسمح الأنصار بمواراته في مقابر المسلمين (٤) ، وأمّا غلاماه اللذان قتلا معه فقد سحبوهما وألقوهما على التلّة
__________________
(١) حياة الإمام الحسين بن عليّ عليهماالسلام ١ : ٣٩٠.
(٢) تمام المتون ـ الصفدي : ٧٩.
(٣) حش كوكب : اسم بستان لليهود كانوا يدفنون موتاهم فيه.
(٤) العقيدة والشريعة في الإسلام : ٤٥.