« يا عمرو ، إنّك عاهدت قومك ألاّ يدعوك رجل من قريش إلى خلال ثلاث إلاّ أجبته؟ ... ».
نعم ، هذا عهدي.
« إنّي أدعوك إلى الإسلام ... ».
وضحك عمرو وقال للإمام بسخرية :
أأترك دين آبائي ، دع هذا عنك ..
« أكفّ يدي عنك فلا أقتلك وترجع؟ ».
وغضب عمرو وعجب من جرأة هذا الفتى عليه وقال له :
إذن تتحدّث العرب عن فراري ..
وعرض الإمام عليه الأمر الثالث فقال له :
« إنّي أدعوك إلى النّزال؟ » (١).
وعجب عمرو من جرأة الفتى وبسالته ، فنزل عن فرسه واستلّ سيفه وضرب رأس الإمام ، فاستقبلها بدرقته فقدّها ونفذ السيف إلى رأس الإمام فشجّه ، وأيقن المسلمون أنّ الإمام قد لاقى مصيره ، ولكن الله تعالى نصره وحماه ، فقد ضرب عمروا ضربة هدّته وسقط إلى الأرض يخور بدمه كما يخور الثور عند ذبحه .. وكبّر الإمام ، وكبّر المسلمون ، فقد انقصم ظهر الشرك وتفلّلت قواه ، وأحرز الإسلام النصر الحاسم على يد إمام المتّقين وبطل الإيمان ، وراح النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يقلّده وساما مشرقا باقيا على امتداد التاريخ قائلا : « لمبارزة عليّ بن أبي طالب لعمرو بن عبد ودّ يوم الخندق أفضل من أعمال أمّتي إلى يوم القيامة » (٢).
__________________
(١) مستدرك الحاكم ٣ : ٣٢.
(٢) تاريخ بغداد ١٣ : ١٩. مستدرك الحاكم ٣ : ٣٢.