وبعد ما أقام الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام خليفة على امّته في غدير خمّ ونصّبه إماما من بعده قفل راجعا إلى يثرب ، وقد بدت صحّته تنهار يوما بعد يوم ، فقد ألمّ به المرض وأصابته حمى مبرحة ، حتى كأن به لهبا منها ، وقد لازمته ولم تنقطع عنه ، وكانت عليه قطيفة ، فإذا وضع أزواجه وعوّاده أيديهم عليها شعروا بحرّها (١) ، وقد وضعوا إلى جواره إناء فيه ماء بارد ، فكان يضع يده فيه ويمسح بها وجهه الشريف لتخفّ حرارة الحمى منه.
وتذهب بعض المصادر إلى أنّ وفاته تستند إلى طعام مسموم قدّمته إحدى اليهوديات له ، فكان يقول :
« ما أزال أجد ألم الطّعام الّذي أكلته بخيبر ، فهذا أوان ، وجدت انقطاع أبهري من ذلك السّمّ » (٢).
ولمّا اشيع مرضه هرع المسلمون لعيادته وهم ما بين باك وواجم ، قد طافت بهم موجات من الألم والذهول ، واستقبلهم الرسول بأسى بالغ فنعى إليهم نفسه الشريفة ، وأوصاهم بما يضمن لهم الاستقامة والتوازن في حياتهم قائلا :
« أيّها النّاس ، يوشك أن أقبض قبضا سريعا فينطلق بي ، وقدّمت إليكم القول
__________________
(١) البداية والنهاية ٥ : ٢٢٦.
(٢) حياة الإمام الحسين بن عليّ عليهماالسلام ١ : ٢٠٢.