فقام إليه رجل فقال :
يا رسول الله ، إنّي لمنافق ، وإنّي لكذوب ، وإنّي لشؤوم ..
فزجره عمر وصاح به ، وقال له :
لقد سترك الله ، لو سترت على نفسك.
والتفت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى عمر فقال له :
« صه يا ابن الخطّاب! فضوح الدّنيا أهون من فضوح الآخرة ».
ودعا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم للرجل فقال : « اللهمّ ارزقه صدقا وإيمانا ، وأذهب عنه الشّؤم » (١) ، وانبرى رجل من أقصى القوم يسمّى سوادة بن قيس فقال :
يا رسول الله ، إنّك ضربتني بالسوط على بطني ، وأنا اريد القصاص منك ...
فاستجاب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم لطلبه وأمر بلالا بإحضار السوط ليقتصّ منه سوادة ، وذهل الحاضرون ، وساد عليهم صمت رهيب من هذا العدل ، وانطلق بلال رافعا عقيرته قائلا :
أيّها الناس ، اعطوا القصاص من أنفسكم في دار الدنيا ، فهذا رسول الله قد أعطى القصاص من نفسه ..
ومضى بلال إلى بيت النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فجاء بالسوط وناوله إلى سوادة ، فأخذه وأقبل رافعا له صوب النبيّ الذي ألمّت به الأمراض ، وهو في الساعات الأخيرة من حياته ، واتّجه المسلمون بقلوبهم وأبصارهم نحو سوادة فقال للنبيّ :
يا رسول الله ، اكشف عن بطنك ...
فكشف الرسول عن بطنه ، فقال سوادة وهو غارق في البكاء :
__________________
(١) البداية والنهاية ٥ : ٢٣١.