انه لو جاء بالماء ولكنه أهريق قبل شربه فانه يجب عليه ان يأتي به ثانيا إلّا ان يكون غرضه نفس إتيان الماء لا بداعي رفع العطش فانه قد حصل بصرفه أو نحرز أن الإتيان صار علة تامة لرفع الغرض مثل ان يأتي بالماء وأهرقه في حلقه فانه يحصل الغرض لا محالة ويصير الإتيان علة تامة لحصوله بخلاف الصورة التي لم يكن لنا علم بان الغرض تعلق بالإتيان أم لا أو حصل وصار العمل موصلا إليه أم لا فانه يمكن ان يأتي به ثانيا لعله يختاره لكونه أحب عنده هكذا قيل ويكون غرض المحقق الخراسانيّ (قده) من هذا الوجه هو رفع الإشكال عن الصلاة المأتية بها فرادى حيث يكون الإتيان بها جماعة ثانيا من المستحبات فانه على هذا التقريب لا إشكال في الامتثال بعد الامتثال فان المولى يختار أحبهما لعدم كون الإتيان علة تامة.
أقول هذا الكلام يكون بالنسبة إلى الموالي والعبيد العرفيين فانه يصل من العبد إلى المولى منفعة أو ضرر ويكون له غرض يرجع نفعه إليه اما بالنسبة إلى الله تعالى مولى الموالي فلا يصح الورود في المطلب من باب حصول غرضه وعدمه ولا يخفى ان البحث تارة يكون على فرض كون الأمر نفسيا بالنسبة إلى كلا الامتثالين أي يكون
__________________
ـ كون امتثالها فرادى علة تامة لا وجه له فان إتيانها كذلك علة تامة لحصول الغرض بهذه الدرجة فإذا أتى بها جماعة يكون الإتيان علة تامة لحصول غرض الجماعة.
فهنا امران ومصلحتان لكن حيث لم يكن الواجب الا واحدة منهما فهذه الروايات تبين ان الله تعالى ان اختار يختار الأحب وهو الجماعة ويجعل في وعاء صلاته الواجبة واما العبد فهو كما ورد في رواية البختري أيهما شاء يجعلها الفريضة والمراد ان هذا الشخص قد أدرك مصلحة الجماعة أيا ما كان سواء جعل الجماعة وصف الصلاة المستحبة أو الواجبة ومن هذه الرواية يستفاد ان في هذه الصورة جعل الله تعالى للعبد صلاتين مستحبة وفريضة أي إذا تعقب الفرادى جماعة ومن هنا ظهر ان القول بان ذلك يوجب إقدار الله تعالى على أحبهما والتوسعة له مما لا وجه له لأن له تعالى ان يقبل كلتيهما فلا منافاة في الروايات.