والثاني : أنه لو كنتم أيها المؤمنون قعدتم في بيوتكم ، ولم تخرجوا للمحاربة لخرج من قدّر له القتل بسبب خفي إلى مضاجعهم في الحرب أي مصارعهم فيقتلون (١) ، تنبيها أن قضاء الله وتقديره وعلمه لا يتغير ، وأنه لا ينفع حذر من قدر ، وإلى هذا أشار الشاعر بقوله :
إذا ما حمام المرء كان ببلدة |
|
دعته إليها حاجة أو تطرب (٢) |
وقال الأصمّ معناه : لو كنتم أيها المنافقون في بيوتكم ، ولم تخرجوا البرز المسلمون الذين كتب عليهم أي أوجب أن يقاتلوا محتسبين (٣) ، ويكون هذا ثناء من الله تعالى على من (٤) استشهد. إن قيل : ما حقيقة الابتلاء والفصل بينه وبين المحص؟ قيل : الابتلاء
__________________
ـ غرائب القرآن (٢ / ٢٨٦) ، والبحر المحيط (٣ / ٩٦) ، وأنوار التنزيل (١ / ١٨٦) ، ونظم الدرر (٢ / ١٧٠) ، وإرشاد العقل السليم (٢ / ١٠٢) ، والفتوحات الإلهية (١ / ٣٢٧).
(١) وجه كافة المفسرين الخطاب في الآية إلى المنافقين ، ولم أجد من ذكر أن الخطاب موجه إلى المؤمنين ، كما ذكر الراغب في هذا الوجه.
(٢) البيت لأبي الشيص الخزاعي ، انظر ديوانه ص (٣١).
(٣) انظر هذا الوجه في : النكت والعيون (١ / ٤٣١) ، والمحرر الوجيز (٣ / ٢٧٢) ، والتفسير الكبير (٩ / ٤١) ، وتفسير غرائب القرآن (٢ / ٢٨٦) ، والبحر المحيط (٣ / ٩٧).
(٤) في الأصل (ما) والصواب ما أثبته.