ذلك بهم (١) ، وبيّن الله تعالى أن ذلك لا يثمر لهم إلا حسرة في قلوبهم مع العلم بأن الله هو المحي والمميت ، وعلى نحوه قال أبو ذؤيب :
قولون لي لو كان بالرمل لم يمت |
|
نشيبة والطرّ أو يكذب قيلها |
ولو أنني استودعته الشمس لارتقت |
|
إليه المنايا عينها أو رسولها (٢) |
إن قيل : لم قال : (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) ولو علّق ذلك بالسماع لكان أليق ، لأن ما كان منهم قول مسموع لا فعل مرئي؟ قيل : لما كان قول الكافرين ذلك قصدا منهم إلى عمل يجادلونهم خصّ البصر ، كقولك لمن يقول شيئا وهو يقصد به فعلا يحاوله : أنا أرى ما يفعله (٣) ، إن قيل : إذا للمستقبل ، وقد جعل ظرفا لقوله قالوا ، ولا يجوز أن يقول : جئتك إذا زرتني ، فما وجه ذلك؟ قيل : إذا متى لم يقصد به وقت معين ، كان متضمّنا للشرط ، فيكون الفعل الذي هو في تقدير جوابه بمعنى /
__________________
(١) ذكر ذلك أبو حيان في البحر المحيط (٣ / ٩٩). وانظر : الكشاف (١ / ٤٣٠) ، والدر المصون (٣ / ٤٥١ ، ٤٥٢).
(٢) هذان بيتان من بحر الطويل من قصيدة لأبي ذؤيب يرثي بها ابنه (نشيبة).
انظر : ديوان الهذليين (١ / ٣٣).
(٣) قال الألوسي : «وما يعلمون عام متناول لقولهم المذكور ، ولمنشئه الذي هو اعتقادهم ، ولما ترتب على ذلك من الأعمال ، ولذلك تعرض لعنوان البصر لا لعنوان السمع ...» روح المعاني (٤ / ١٠٤).