بشيء ، فحذف الجارّ ونصبه (١) ، وجعل لمن بدّل الكفر بالإيمان عذابا أليما ، وهو أبلغ مما جعله للفرقة الأولى ، حيث وصفه بالعظم ، إذ يقال العظيم اعتبارا بغيره مما هو من جنسه ، وقد لا يكون شديد الألم ، وأليم يقال لما تناهى في الألم ، إذ هو بناء المبالغة ، ويقال : هو أليم ، سواء اعتبر بغيره أو لم يعتبر (٢).
قوله تعالى : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ...)(٣) الآية.
__________________
ـ قد جمع للخاص العذاب بنوعيه من العظم والألم ، وهو أبلغ في حقهم في العذاب ، وجعل ذلك اشتراء من حديث تمكنهم من قبول الخير والشر ، فآثروا الكفر على الإيمان. البحر المحيط (٣ / ١٢٧). وانظر : إرشاد العقل السليم (٢ / ١١٧).
(١) ذكر الوجه الأول الزمخشري في الكشاف (١ / ٤٤٤) ، والعكبري في إملاء ما منّ به الرحمن (١ / ١٥٨) ورجّحه ، وذكر الوجهين أبو حيان في البحر المحيط (٣ / ١٢٦).
(٢) انظر : غريب القرآن للسجستاني ص (٥٢) ، والكامل (١ / ٢٦٠) ، وقال أبو السعود : (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) «جملة مبتدأة مبينة لكمال فظاعة عذابهم ، بذكر غاية إيلامه ، بعد ذكر نهاية عظمه. قيل : لما جرت العادة باغتباط المشتري بما اشتراه وسروره بتحصيله عند كون الصفقة رابحة وبتألمه عند كونها خاسرة ، وصف عذابهم بالإيلام ومراعاة لذلك». إرشاد العقل السليم (٢ / ١١٧).
(٣) سورة آل عمران ، الآية : ١٧٨. ونصّها : (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ).