الكلام على الترتيب ، والمفعول هو (أَنَّما) وجعل اللام لام العاقبة ، وتحقيق لام العاقبة هو أن اللام تارة تجيء تبيينا لقصد الفاعل بفعله / نحو (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)(١) ، وتارة تبيينا لما أدى إليه الفعل ، لا لقصد الفاعل (٢) ، نحو (وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ)(٣). إن قيل : لم قال ها هنا : (عَذابٌ مُهِينٌ؟) قيل : لما ذكر ها هنا إملاء الإنسان في الأعراض (٤) الدنيوية ، وذلك قد يكون في الدنيا هوانا وعذابا
__________________
ـ وانظر : الكشاف (١ / ٤٤٤) ، والبحر المحيط (٣ / ١٢٨ ، ١٢٩) ، والدر المصون (٣ / ٥٠٤ ، ٥٠٥). (١) سورة الذاريات ، الآية : ٥٦.
(٢) والقول بأن اللام هنا لام العاقبة هو قول المعتزلة أيضا ، والصواب أنها لام الإرادة. انظر : إرشاد العقل السليم (٢ / ١١٨). ونقل أبو حيان عن الماتريدي أنه قال : المعتزلة تناولوها على وجهين : أحدهما : على التقديم والتأخير ، أي ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم ليزدادوا إثما إنما نملي لهم خير لأنفسهم. الثاني : أن هذا إخبار منه سبحانه وتعالى على حسبانهم فيما يؤول إليه أمرهم في العاقبة ، .. وفي التأويل الأول إفساد للنظم. وفي الثاني تنبيه على من لا يجوز تنبيهه ، فإن الإخبار عن العاقبة يكون لسهو في الابتداء أو غفلة ، والعالم في الابتداء لا ينبه نفسه. انتهى كلامه». البحر المحيط (٣ / ١٢٩) وقد رد ابن المنير على الزمخشري في هذا الموضع. انظر الكشاف (١ / ٤٤٤) هامش رقم (١).
(٣) سورة الأعراف ، الآية : ١٧٩.
(٤) في الأصل (ولأعراض) ، والصواب ما أثبته.