انتقل عنه نفعه ، وخفي عليه وزره ، وبيّن أنه عالم ببخلهم ، وما يؤول إليه حالهم ، وما يخبرهم به.
قوله تعالى : (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ)(١) الآية.
لمّا أنزل الله (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً)(٢) قال قوم من اليهود تهكما على النبي صلىاللهعليهوسلم : إن الله فقير ونحن أغنياء ، يستقرض منّا ، فأنزل الله تعالى ذلك (٣) ، ولم يعيرّهم أنهم اعتقدوا فقر الله ، وإنما عيّرهم تجاهلهم وتكذيبهم (٤) وصرفهم الكلام إلى غير الوجه المقصود به (٥) ، وعلى هذا قوله : (وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ
__________________
(١) سورة آل عمران ، الآية : ١٨١. ونصها : (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ سَنَكْتُبُ ما قالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ).
(٢) سورة البقرة ، الآية : ٢٤٥.
(٣) رواه ابن جرير الطبري في جامع البيان (٧ / ٤٤٣ ، ٤٤٤) عن الحسن وقتادة. وابن أبي حاتم في تفسير القرآن العظيم (٣ / ٨٢٨) عن ابن عباس ، وانظر : الوسيط (١ / ٥٢٨) ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (١ / ٤١٠) ، والعجاب (٢ / ٨٠٤).
(٤) في الأصل (ونكدهم) ، ولعله تصحيف وقع من الناسخ.
(٥) حمل الآية على الوجهين أحسن وأليق بعقول اليهود ، لأن بعضهم ربما اعتقد حقيقة أن الله فقير ، تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا. قال أبو حيان :