منه صعب ، وقد قال الزجاج : لا تحسبن ، مكرر لطول القصة ، قال : والعرب تعيد إذا طالت القصة حسبت وما أشبهها ، إعلاما أنّ الذي جرى متصل بالأول ، تقول : لا تظنن زيدا إذا جاءك وكلمك بكذا فلا تظننّه صادقا (١) ، وقيل : الفاء زائدة (٢) ، والوجه في ذلك عندي أن قوله : لا تحسبنّ على الخبر وتقدير الكلام فيه ، وذلك إشارة إلى يوم القيامة بعد أن يدخل الكفار النار ، ويقال لهم : (اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ)(٣) والمعنى : والله إنك لا تحسبهم حينئذ أنّهم بمفازة من العذاب ، أي لهم سبيل إلى الخلاص فلا تحسبنهم الآن ، وهذا نهي والأوّل خبر (٤) ، وحذف
__________________
(١) انظر : معاني القرآن وإعرابه للزجاج (١ / ٤٩٨) ، ومعاني القرآن للأخفش (١ / ١٣٦).
(٢) قال أبو حيان : «فدخول الفاء إنما يتوجه على أن تكون زائدة ، إذ لا يصح أن تكون للعطف ، ولا أن تكون فاء جواب الجزاء ...» البحر المحيط (٣ / ١٤٤) وانظر : الجامع لأحكام القرآن (٤ / ٣٠٧) ، والدر المصون (٣ / ٥٢٩). ولا يجيز سيبويه زيادة الفاء ، وأجاز الأخفش زيادتها مطلقا ، وقيّدها الفرّاء وجماعة بكون الخبر أمرا أو نهيا. انظر : مغني اللبيب ص (٢٩١) ، وهذا الذي ذكره الراغب من كون الفاء زائدة هو قول أبي علي الفارسي في الحجة (٢ / ٤٠١).
(٣) سورة المؤمنون ، الآية : ١٠٨.
(٤) ذكر هذا الوجه ابن زنجلة في حجة القراءات ص (١٨٧). وفيه ضعف ، لأن (لا) إذا كانت نافية فتوكيد الفعل الداخلة عليه بالنون قليل. انظر :