وَالْأَرْضِ)(١) الآية ، ونبّه بقوله : (لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ)(٢) أن من لم يكن ذا لبّ قلّ عناؤه في التفكّر فيها ، واللب هو اسم للعقل (٣) أزيل عنه الدرن (٤) ، وذاك أن العقل وإن كان أشرف مدرك من الأشياء فهو في الأصل كسيف حديد لم يطبع ولم يصقل ، فإذا تفقّد وتعهّد بالحكمة صار كسيف طبع ، فأزيل خبثه ، وشحذ حدّه ، وكل موضع يذكر الله تعالى فيه أجلّ مدرك لا يمكن إدراكه إلا بأجلّ مدرك ، قال بعض الصوفية : هذه المنزلة وإن خصّ بها أولوا الألباب فمنزلة الأنبياء والأولياء أشرف منها ، لأنهم ينظرون من خالق السموات والأرض إليها (٥) ، ولهذا قال لنبيه
__________________
(١) سورة الروم ، الآية : ٢٢.
(٢) سورة آل عمران ، الآية : ١٩٠.
(٣) انظر : معاني القرآن وإعرابه (١ / ٤٩٨) ، ومعاني القرآن للنحاس (١ / ٥٢٣) ، ومعجم مقاييس اللغة ص (٩٣٤) ، وفي الأصل فراغ وطمس بمقدار كلمة بين كلمتي (العقل) و (أزيل) مع استقامة المعنى بدونه.
(٤) انظر : مجمل اللغة ص (٦٢٩) ، والمفردات ص (٧٣٣).
(٥) الآية عامة تشمل الأنبياء والأولياء وغيرهم من ذوي العقول السليمة.
قال أبو حيان : «ومعنى (لآيات) : لعلامات واضحة على الصانع وباهر حكمته ، ولا يظهر ذلك إلا لذوي العقول ، ينظرون في ذلك بطريق الفكر والاستدلال لا كما تنظر البهائم» البحر المحيط (٣ / ١٤٥) ، فجعل الأولياء في منزلة فوق منزلة أولي الألباب ، وقرنهم بالأنبياء من