صلىاللهعليهوسلم : (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ)(١) ، وهذا الذي قاله صحيح ، فإن الإنسان يمكنه أن يعرف حكمة الصانع أولا بتدبر مصنوعه ، ومتى عرف حكمة الصانع حينئذ عرف مصنوعاته به ، فيصير ما كان دالّا مدلولا ، وما كان مدلولا دالّا ، وبهذا النظر قال من سئل : بم عرفت الله؟ فقال : به عرفت كل ما سواه (٢).
__________________
ـ حيث إنهم يتلقون عن الله مباشرة من غلو الصوفية. والقشيري نفسه ذكر عن أولي الألباب ما ذكره الراغب عن الأولياء ، فقال : «قوله تعالى : (لِأُولِي الْأَلْبابِ) أولو الألباب الذين صحّت عقولهم عن سكر الغفلة ، وأمارة من كان كذلك ، أن يكون نظره بالحق ، فإذا نظر من الحق إلى الحق استقام نظره ، وإذا نظر من الخلق إلى الحق انتكست نعمته ، وانقلبت أفكاره مورّثة للشبهة» لطائف الإشارات (١ / ٣١٦). وانظر : قضايا هامة في الولي والولاية ، ص (٣٥٩) من الرسالة القشيرية. وص (٢٣٨ ، ٢٤١ ، ٢٤٨) من قطر الولي على حديث الولي للشوكاني.
(١) سورة الفرقان ، الآية : ٤٥.
(٢) ولهذا كان الإقرار بتوحيد الربوبية وأن الله تعالى خالق كل شيء ، وأنه ليس للعالم صانعان متكافئان متفقا عليه بين جميع الطوائف ، وهذا التوحيد لم يذهب إلى نقيضه طائفة معروفة من بني آدم ، بل القلوب مفطورة على الإقرار به أعظم من كونها مفطورة على الإقرار بغيره من الموجودات ، كما قالت الرسل : (أَفِي اللهِ شَكٌّ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) [إبراهيم : ١٠].
انظر : شرح العقيدة الطحاوية (١ / ٢٥ ، ٢٦).