ثغور المسلمين (١) ، ومرابطة النفس البدن ، فإنها كمن أقيم في ثغر ، وفوّض إليه مراعاته ، فيحتاج أن يراعيه غير مخلّ به إلى أن يعزل عنه أو يستردّ منه (٢) ، وقد دخل في عموم ما قلناه قول من قال : اصبروا في أنفسكم ، وصابروا عدوكم ، ورابطوا الثغور (٣) ، وقول من قال : اصبروا بجوارحكم على الطاعة ، وصابروا بقلوبكم مع الله ، ورابطوا بأسراركم في سبيل المحبة (٤) ، وقد نبّه
__________________
(١) وبذلك فسرّ المرابطة جمهور المفسرين قال ابن عطية : قوله : (وَرابِطُوا) فقال جمهور الأمة : معناه : رابطوا أعداءكم بالخيل ... والقول الصحيح : «أن الرباط هو الملازمة في سبيل الله ، وأصلها من ربط الخيل ، ثم سمّي كل ملازم لثغر من ثغور المسلمين مرابطا فارسا كان أو راجلا ...» المحرر الوجيز (٣ / ٣٢٨ ، ٣٢٩). وانظر : جامع البيان (٧ / ٥٠٨ ، ٥٠٩) ، ومعالم التنزيل (٢ / ١٥٦) ، والجامع لأحكام القرآن (٤ / ٣٢٣) ، والبحر المحيط (٣ / ١٥٦).
(٢) هذا على التفسير اللغوي للمرابطة قال القرطبي : «فإن المرابطة عند العرب : العقد على الشيء حتى لا ينحلّ ، فيعود إلى ما كان صبر عنه ، فيحبس القلب على النية الحسنة ، والجسم على فعل الطاعة ...» الجامع لأحكام القرآن (٤ / ٣٢٤).
(٣) وهذا قول الحسن وقتادة والضحاك وابن جريج ولفظ كلامهم : (اصبروا على دينكم) بدل : (اصبروا في أنفسكم) والباقي بمثله. انظر : جامع البيان (٧ / ٥٠٢) ، والنكت والعيون (١ / ٤٤٥) ، والبحر المحيط (٣ / ١٥٦).
(٤) ذكره القشيري في اللطائف (١ / ٣٢١).