على عموم ذلك النبي صلىاللهعليهوسلم ، حيث قال : «من الرباط انتظار الصلاة بعد الصلاة» (١) ، إن قيل : كيف أخّر ذكر التقوى؟ قيل : يحتمل وجهين : أن يكون ذلك إشارة إلى غاية التقوى ، وهي التبرؤ من كل شيء سوى الله ، وذلك لا يكون إلا بعد هذه الأشياء ، وكأنه قال : إذا فعلتم ذلك فاتقوا الله راجين أن تدركوا الفلاح ، إشارة إلى ما ذكر من الصبر والمصابرة والمرابطة (٢) ، فلمّا أمر تعالى بهذه الثلاثة ، قال : (وَاتَّقُوا اللهَ) أي اتركوا القبائح له ، فبتركها تدرك هذه الثلاث ، ويكون الفلاح عبارة
__________________
(١) وبهذا الحديث احتج أبو سلمة بن عبد الرحمن على أن المرابطة في الآية هي انتظار الصلاة بعد الصلاة. والحديث رواه مسلم في كتاب الطهارة ، باب «فضل إسباغ الوضوء على المكاره» رقم (٢٥١) عن أبي هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ، ويرفع به الدرجات؟» قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : «إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة ، فذلكم الرباط». وأخرجه أيضا : مالك في الموطأ (١ / ١٦١) رقم (٥٥) ، وأحمد في المسند (٢ / ٢٣٥ ، ٢٧٧ ، ٣٠١ ، ٣٠٣ ، ٤٣٨) ، والترمذي رقم (٥١ ، ٥٢) كتاب الطهارة ، باب ما جاء في إسباغ الوضوء ، والنسائي (١ / ٨٩) كتاب الطهارة ، وابن خزيمة (١ / ٦) رقم (٥) ، والبغوي في شرح السنة رقم (١٤٩) ، والبيهقي في السنن (١ / ٨٢) ، وابن حبان رقم (١٠٣٨).
(٢) انظر : أنوار التنزيل (١ / ١٩٨).