قيل : يجوز للحكيم إذا سئل عن حكم أن يجيب عنه ، ويقرن إليه ما علم أنّ بالسائل حاجة إليه. فلمّا سئل عن ذلك ، وكان فيهم من لا يبالي أن يتزوّج بالعدد الكثير من النساء ، بيّن العدد الذي لا يجوز أن يتعداه الإنسان في وقت واحد ، ولذلك أحيلوا على هذه الآية لما استفتوا في يتامى النساء ، فقال تعالى : (وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ)(١) الآية (٢).
وقد اختلف في العدد الذي يجوز أن ينتهى إليه في النكاح ، فمذهب عامة الفقهاء أنه لا يجوز مجاوزة الأربع ، ومذهب بعض الشيعة أنه يجوز بلا عدد كالسراري (٣). وقال : الآية ليست بتوقيف ، بل هي إباحة : كقولك : تناول ما أحببت واحدا واثنين وثلاثة ، وأنّ تخصيص بعض مقتضى العموم على طريق التبيين لا يقتضي الاقتصار عليه ، وذهب بعضهم ممن لا يعرف شرط الكلام إلى أن المباح منهن تسع ، وقال : الواو تقتضي الجمع ، فصار كقولك : اثنين وثلاثا وأربعا ، وذلك تسع. وأكّد ذلك بأن النبي صلىاللهعليهوسلم مات عن تسع نسوة (٤) ، قال : وغير منكر أن
__________________
(١) سورة النساء ، الآية : ١٢٧.
(٢) انظر : كلام الإمام الطبري على ذلك في : جامع البيان (٧ / ٥٤٠).
(٣) انظر : مناقشة ذلك من تفاسير الشيعة : مجمع البيان في تفسير القرآن للشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي من أكابر علماء الإمامية في القرن السادس (٤ / ١٧) ، والميزان في تفسير القرآن ، للسيد محمد حسين الطباطبائي (٤ / ١٦٧ ، ١٦٨).
(٤) رواه البخاري في النكاح ، باب «كثرة النساء» (٩ / ١١٢) رقم (٥٠٦٧) ،