ما في قوله : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ) إمّا أن يكون عبارة عن المنكوحة ، أو عن الزمان ، أو العدد. فلا يصح الأول ، لأن فالا يعبّر به عن أعيان العقلاء مجردا ، ولا عن العدد ، لأنه محال أن يعني نكاح العدد ، وإن عنى المعدود فالكلام راجع إلى أن يكون عبارة عن العقلاء ، فيجب أن يكون عبارة عن الزمان ، فكأنّه قال : اعقدوا وقت ما يطيب لكم ، والمخالف يوجبه طاب لنا أو لم يطب (١).
__________________
ـ النكاح على ثلاثة أضرب ؛ منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح ، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء ... الثاني : من يستحب له ، وهو من له شهوة يأمن معها الوقوع في محظور ، فهذا الاشتغال له به أولى من التخلّي لنوافل العبادة ، وهو قول أصحاب الرأي ، وهو ظاهر قول الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ وفعلهم ... الثالث : من لا شهوة له ؛ إما لأنه لم يخلق له شهوة كالعنين ، أو كانت له شهوة فذهبت بكبر أو مرض ونحوه ، ففيه وجهان : أحدهما : يستحب له النكاح لعموم الأدلة. الثاني : التخلّي له أفضل ، لأنه لا يحصل مصالح النكاح ، ويمنع زوجته من التحصين بغيره ، ويضرّ بها ويحبسها على نفسه» المغني لابن قدامة (٩ / ٣٤١ ـ ٣٤٤). وانظر : مذاهب الفقهاء في هذه المسألة في : الاختيار لتعليل المختار للموصلي (٣ / ٨٢) ، وعقد الجواهر لابن شاس المالكي (٢ / ٧) ، ومغني المحتاج (٣ / ١٢٦) ، ومعونة أولي النهى شرح المنتهى (٧ / ١٥).
(١) انظر : إعراب (ما) في : إعراب القرآن للنحاس (١ / ٤٣٤) ، ومعاني القرآن واعرابه (٢ / ٨) ، وإملاء ما منّ به الرحمن ص (١٧٣) ، وانظر :